إبراهيم سعدون.. من حلم الدراسة بروسيا إلى السقوط في قبضة قوات موسكو

مسارٌ مثير ذاك الذي قاد إبراهيم سعدون، الطالب المغربي المحكوم بالإعدام من طرف سلطات إقليم دونتيسك شرق أوكرانيا، فإذا كانت الأقدار قادته إلى القتال في صفوف القوات الأوكرانية ضد القوات الروسية فإنه في البداية كان يطمح إلى إتمام دراساته العليا في روسيا.

درس إبراهيم سعدون في المدرسة العمومية، و”كان ولدا نبيها كثيرَ القراءة وشديدَ التعلق بالدراسة، وكان عقله أكبرَ من سنه”، كما قال والده في ندوة صحافية الإثنين بالرباط، مشيرا إلى أن ابنه كان مُولعا منذ نعومة أظافره بالرياضات الفضائية، وكان يرافقه إلى نوادي الطيران، لممارسة القفز بالمظلات.

وبدأت علاقة إبراهيم سعدون مع روسيا عندما كان يبلغ اثني عشر عاما، إذ كان والده يوجهه إلى مشاهدة الرسوم المتحركة باللغة الروسية، ومن ثم بدأ يتحدث تدريجيا هذه اللغة، إضافة إلى اللغة الإنجليزية، قبل أن يعزز رصيده اللغوي بلغات أخرى.

توجيه الطاهر سعدون لابنه إبراهيم لتعلم اللغة الروسية من خلال الرسوم المتحركة كان من منطلق اقتناعه بأن “روسيا الاتحادية من الدول المتمكنة في علوم الفضاء”، المجال الذي يستهوي إبراهيم، غير أن طموح الأسرة لبعث ابنها إلى روسيا لم يتحقق.

يقول الطاهر سعدون إن أسرته راهنت على متابعة ابنها، المهدد حاليا بالإعدام، دراسته بروسيا، واستمر هذا الرهان إلى حدود دراسته في مستوى الباكالوريا، حيث بدأت الأسرة تحضّر لإرسال ابنها إلى هناك لدراسة علوم الفضاء، “لكن الأمر كان مستعصيا لأن أتعاب الدراسة هناك باهظة جدا وليست في متناول طالب من أسرة متوسطة”.

وفي سنة 2019، سافر الطالب إبراهيم سعدون إلى أوكرانيا، من أجل اكتشاف الآفاق التي تتيحها للطلبة الراغبين في إتمام دراساتهم العليا بها، وقرر أن يمضي في هذا الاتجاه.

ولمْ تَلحظ أسرة الطالب سعدون أن تحوُّل سلوكه يعكس رغبته في الانضمام إلى القوات العسكرية الأوكرانية، ويؤكّد والده أن سلوك ابنه كان عاديا، موردا: “كان بإمكاني أن أنتبه إلى أي تحوّل لكوني مارست مهامَّ عسكرية، وكنت مدير تحريات في الدرك الملكي”.

ورغم النباهة التي اكتسبها الطاهر سعدون من المهام العسكرية التي تولّاها فإنه اعترف بأن علاقة الأب بابنه عندما يكون خارج الحدود “تكون فيها أمور بين السطور”، في إشارة إلى أنه لم يكن على إحاطة تامة بما كان يجُول في خاطر ابنه الذي يعيش في أوكرانيا.

وفي سنة 2020، بدأ التوجس يساور الطاهر سعدون إزاء سلوك ابنه إبراهيم، بعد أن لاحظ عليه بعض التغيرات، مثل ميْله إلى ارتداء اللباس العسكري، وزادت حدّة التوجس بعد أن أصبح الابن يتفادى أن يُظهر صورته عندما يُحادثه أفراد أسرته عبر المنصات الرقمية.

“قلت ربما هي ظروف الشبان والحرية في الجامعة والالتقاء مع الطلبة من دول أخرى هي التي جعلته يتحاشى الظهور”، يردف الطاهر سعدون، غير أن شكوكه زادت بعد ذلك، ليتأكّد، فعلا، من خلال ابنته المقيمة في فنلندا، أنَّ إبراهيم أصبحت له ميول عسكرية.

وفاتح الأب ابنه في الموضوع، غير أنه أنكر ذلك، لكنّ الواقع أثبت ميوله العسكرية فعلا، إذ أمضى عقدا مع القوات العسكرية الأوكرانية الرسمية، وأكد والده أنه لم يكن حينها على علم بذلك، مشيرا إلى أن العقد الذي وقعه ابنه “لم يتم مع فرقة أمنية، بل مع قوات مسلحة رسمية أوكرانية تحت ألوان العلم الأوكراني، وبأسلحة مرقّمة من طرف السلطات العسكرية الأوكرانية”.

وأضاف والد الطالب المغربي المحكوم بالإعدام: “كان يقول لي إنه في بولونيا، ولكن بعد شهر رمضان الماضي بدأت أحس بأن هناك شيئا ما”، وزاد: “كنت سأسافر إلى بولونيا لاستقاء المعلومة الصحيحة، وآخذ بناصيته وأعودَ به إلى المغرب، لكن علمت أنه بيَد القوات الروسية التي أشكرها لأنها حافظت على حياته”.

وأكد الطاهر سعدون أن ابنه ظل يتمتع بشخصية سوية طيلة السنوات التي قضاها في المغرب، مردفا: “لم يُضرب قط في حياته، إذ كنّا نعتمد في تربيته على الإقناع، وتربى قويا، ولا يخاف من الموت، ففي أحد الأيام فاجأني حين كنت أجهّز مظلة القفز في الهواء، وتشبّث بالذهاب معي”.

كما أكد المتحدث أن ابنه إبراهيم أمضى عقدا مع قوات المارينز الأوكرانية قبل الحرب عام 2021، وتمَّ أسره في أرض المعركة من طرف قوات الفدرالية الروسية، وكان يرتدي اللباس الرسمي للجيش الأوكراني، ويحمل سلاحا برقم تسلسلي للحكومة الأوكرانية، مشيرا إلى أن “رئيسه المباشر هو وزير الدفاع الأوكراني، والقائد الأعلى للقوات هو الرئيس الأوكراني”.

The post إبراهيم سعدون.. من حلم الدراسة بروسيا إلى السقوط في قبضة قوات موسكو appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/X2vwCWq

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire