سيدي يحيى أوساعد .. قرية تئن تحت وطأة الفقر والتهميش بجبال خنيفرة

تقع الجماعة الترابية سيدي يحيى أوساعد بالنفوذ الترابي لإقليم خنيفرة، وتزخر بالكثير من المؤهلات الطبيعية التي تخولها توفير حياة أفضل لساكنتها، لكن لا يبدو أن ذلك هو واقع الحال؛ فالحاجة ترخي بظلالها على معظم الساكنة المحلية، خصوصا الشباب.

ما تزخر به جماعة سيدي يحيى أوساعد من مؤهلات طبيعية وسياحية وثقافية وتاريخية لم ينعكس على الوضع الاجتماعي للساكنة، ولا يبدو أثره على بنية الجماعة، خاصة مركزها الذي مازال يشبه قرية نائية أو منطقة دمرتها الحرب.

تعاني الجماعة القروية سالفة الذكر، الواقعة في الحدود بين ثلاثة أقاليم: خينفرة، ميدلت، بني ملال، من العزلة القاتلة التي فرضتها الطبيعة على قاطنيها من جهة، ومن التهميش والإقصاء الذي فرضته الجهات المسؤولة على مستوى الإقليم والمركز من جهة أخرى، ما جعلها تعاني تأخرا في شتى المجالات التنموية.

وجاء في تصريحات متطابقة لجريدة هسبريس الإلكترونية أن مظاهر التهميش والحرمان عكرت صفو حياة الساكنة وحولتها إلى شبه مستحيلة؛ إذ لم تتمكن بعد من الظفر بحياة كريمة ومن حقها في التنمية. ورغم ذلك، يبقى الأمل في تنمية المنطقة والخروج من دائرة الفقر والحرمان يراود النفوس.

تنمية مفقودة وحلول ترقيعية

أضحت جماعة سيدي يحيى أوساعد القروية مضرب مثل في الحياة المزرية التي يلمسها كل زائر إلى المنطقة، و”لعل الفقر والحرمان والإهمال، العنوان العريض للحياة البدائية التي تعيشها الساكنة بهذه الجماعة التي وضعتها الجهات المسؤولة خارج حساباتها التنموية”، يقول جواد مرغيش، فاعل جمعوي بالمنطقة.

أول مشكل طرحه عدد من المواطنين ممن التقت بهم جريدة هسبريس الإلكترونية خلال إعدادها لهذا الربورتاج، هو غياب مظاهر التنمية في منطقتهم على مستوى مركز الجماعة والدواوير التابعة لها، مبرزين أن الجماعة لم تنل نصيبها من التنمية المحلية، كغيرها من الجماعات الترابية بالإقليم، رغم الرصيد البشري والطبيعي التي يميزها عن باقي الجماعات.

وقال جواد مرغيش، فاعل جمعوي نشط بالجماعة السالف ذكرها: “الجماعة تعاني خصاصا مهولا في شتى المجالات، كالمسالك الطرقية والصحة والنقل المدرسي”، مبرزا أن “الجماعة تلتجئ من حين إلى آخر إلى حلول ترقيعية من أجل محاولة إسكات أصوات تنادي بالتغيير والتنمية”، وفق تعبيره.

ودعا المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، الدولة إلى الاهتمام بهذه المناطق وتحقيق العدالة المجالية والاجتماعية بها لتفادي احتجاجات المواطنين، موردا أن “هناك أصواتا جمعوية بعدد من الدواوير التابعة للجماعة تطالب بثورة شعبية في وجه الفساد تمكن الجماعة من نصيبها من المشاريع التنموية”.

وتشتكي الساكنة من غياب الضروريات الأساسية في حياتها اليومية، ما يجعلها تتذمر في كل حين. واستغل عدد من النشطاء تواجد جريدة هسبريس لتوجيه نداء إلى المسؤولين للتدخل العاجل وإعادة الاعتبار للمنطقة وساكنتها المنسية.

لعنة النسيان

بمجرد أن تطأ قدماك مركز جماعة سيدي يحيى أوساعد، تستطيع قراءة أول فصول المعاناة وحالة اليأس والإحباط التي تعيشها الساكنة بسبب الظروف الاجتماعية القاسية والمزرية التي مست جميع جوانب الحياة؛ حياة البؤس والشقاء التي يكابد معاناتها المواطنون، والتي تجعلهم عرضة لجميع أشكال الاستغلال، خصوصا الأطفال منهم.

وكشفت الزيارة التي قامت بها هسبريس إلى المنطقة مدى صعوبة الحياة بها والمعاناة التي تكابدها الساكنة يوميا؛ إذ مازالت تعتمد على المقومات البدائية من أجل البقاء، بداية من مسالك متربة تنهار مع أول قطرات المطر، وهو ما يحول دون قضاء المواطنين لحاجياتهم الإدارية والمعيشية.

تناقضات اجتماعية كثيرة تعيشها هذه المناطق النائية التي تخفي أسوارها قصصا وحكايات تؤخذ منها العبر، وهي فرصة للاعتراف بعجز المسؤولين وجمعيات المجتمع المدني عن الوصول إلى هذه المناطق حتى الآن، ما دفع بها إلى المزيد من التخبط وبؤس العيش ومعاناة الناشئة.

وفي هذا الصدد، قال محمد ايت صالح، من ساكنة مركز الجماعة المعنية، إن “لعنة النسيان هي التي أصابت هذه المنطقة”، وزاد أن “المسؤولين لا يعرفون وجود جماعة اسمها سيدي يحيى أوساعد، وغير مبالين بمشاكلها”، مضيفا أن “واقع الجماعة الحالي يلخص كل المشاكل، ويمكن لأي زائر أن يكتشف الحقيقة من الوهلة الأولى”.

وشدد المتحدث لهسبريس على أن هناك تناقضا بين ما يتم الترويج له في الإعلام الرسمي حول التطور الذي يعرفه المغرب في شتى المجالات التنموية والاجتماعية والاقتصادية، وبين ما تعيشه ساكنة المنطقة في الواقع، موضحا أن “الوضع أصبح مقلقا ويتأزم يوما بعد يوم، وبات مثل قنبلة موقوتة ينتظر انفجارها في أي لحظة”.

ضبابية في الرؤية التنموية

نعيمة بنحليمة، فاعلة جمعوية بمركز سيدي يحيى أوساعد، قالت إن هذه الأخيرة لها من المؤهلات ما يجعلها جوهرة الأطلس، “غير أن الضبابية التي تسود برامج التنمية بالمنطقة، غالبا ما تدفعها إلى الفشل، سواء بسبب ضعف القيادات المحلية أو انعدام التمويل المستدام”، مضيفة أنه “لا أحد ينظر إلى أن مداخل التنمية في هذا المجال متعددة، وتتنوع ما بين التاريخي والثقافي والجغرافي والفلاحي والسياسي والإداري”.

وشددت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، على أن “الحاجة إلى مخطط تنموي واضح المعالم، يقوده الفاعل السياسي بتنسيق مع الفاعلين الترابيين بمختلف مستوياتهم وبشراكة مع فعاليات المجتمع، ملحة ومصيرية لتحقيق إقلاع تنموي يأخذ بالخصوصيات السيوسيو-مجالية لهذا المجال الترابي، ينهل من جذوره التاريخية المتنوعة وموقعه الجغرافي المتميز، وهذا يقتضي بالضرورة إرساء آليات محلية لقيادة التنمية تنفتح على المخططات التنموية الإقليمية والجهوية والمركزية”، وفق تعبيرها.

حلول مقترحة

يرى الشارع المحلي بجماعة سيدي يحيى أوساعد أن التنمية بالمنطقة تحتاج إلى تشاور موسع بين مختلف الفاعلين في مختلف المجالات، ويؤكد كثيرون أن جهة معينة لوحدها غير قادرة على رفع تحدي انتشال المنطقة من التهميش والهشاشة التي تعيشها منذ عقود، وهو ما يقتضي توسيع دائرة الإشراك في صياغة البرامج التنموية لتشمل مختلف شرائح المجتمع المدني.

ويقترح بعض المهنيين التركيز في الوقت الراهن على النهوض بقطاعي السياحة والفلاحة، وتوفير البنيات الأساسية لاحتضان المشاريع الفلاحية والسياحية لتسويق المجال وتحقيق الإشعاع.

The post سيدي يحيى أوساعد .. قرية تئن تحت وطأة الفقر والتهميش بجبال خنيفرة appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3x2jh8i

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire