فاعلون يوصون بمأسسة الوساطة الأسرية وتكوين المقبلين على الزواج

في خضم النقاش المستمر الذي لا يزال يطبع مراجعة مدونة الأسرة، نوه عدد من المشاركين في ندوة وطنية، احتضنها اليوم مقر جهة الرباط سلا القنيطرة بالرباط، بـ”المناخ المؤسساتي والمجتمعي الذي يسود عملية مراجعة مدونة الأسرة”.

كما أكد المتدخلون، خلال هذه الندوة، التي نظمتها “المؤسسة الدولية للديبلوماسية والتنمية المستدامة” و”مؤسسة درعة تافيلالت للتعايش المشترك”، على كون الطلاق وزواج القاصرات والحضانة والولاية القانونية على الأبناء “من أبرز النقاط التي وجب الحسم معها”، بما يحقق توازن الأسرة والمجتمع المغربي ككل.

وتأتي هذه الندوة استكمالا لدينامية مؤسساتية ومجتمعية تلت الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة في السادس والعشرين من شتنبر الماضي، والتي دعته إلى إعادة النظر في مدونة الأسرة في أجل أقصاه ستة أشهر، والتي تلاها استقبال اللجنة، التي تم إنشاؤها في هذا الصدد، للأحزاب السياسية ومختلف جمعيات المجتمع المدني لإبداء آرائها وتصوراتها.

ضرورة مأسسة الوساطة الأسرية

رحيمة الوزاني، عضو المكتب الوطني لمنظمة المرأة الاستقلالية، قالت إن “الغاية الأسمى من تعديل مدونة الأسرة هي خلق مناخ من التوافق الاجتماعي، مما سينعكس بشكل إيجابي على حياة الأطفال وتوازن الأسرة ككل، وبالتالي فإن مراجعة هذه المدونة من المنتظر أن تُنهي مجموعة من الإشكاليات المطروحة”.

وأضافت الوزاني، في كلمتها خلال الندوة، أنه “من غير المعقول أن يتم منح الأم الحضانة مقابل منعها من التصرف في الجوانب الإدارية التي تخص أبناءها، من قبيل الحسم في خيارهم الدراسي وتدبير سفرهم وتنقلاتهم”، مشيرة في الإطار ذاته إلى “ضرورة التنصيص على عدم إسقاط الحضانة عن النساء بعد زواجهن، فعدد منهن يتجنبن الزواج لهذا السبب”.

ونبهت المتحدثة إلى زواج القاصرات بالمغرب، حيث ذكرت أن “الأرقام تؤكد الوصول إلى 40 ألف حالة سنويا، على الرغم من كون هذا النوع من الزواج يعيق الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لمجتمع يطمح إلى النهوض بتنمية الأسرة، ذلك أن العديدات يتركن المدرسة من أجل الزواج، ويبقين أميات”.

وفي سياق متصل، دعت المفتشة في التوجيه التربوي إلى “إنشاء مؤسسة للوساطة يرأسها أشخاص متخصصون في الوساطة الأسرية، ويكون الهدف منها المساهمة في ثبات الأسرة وعدم الوصول إلى الطلاق، ذلك أنه يُسجَل ضعفٌ فيما يتعلق بالصلح بين الأزواج”، ملمحة إلى “ضرورة الارتقاء بأقسام قضاء الأسرة إلى محاكم قائمة الذات”.

زواج القاصر أكبر المشاكل

من جهته، أكد محمد المقايسي، نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، على “كون مراجعة مدونة الأسرة تفرض نفسها من أجل إصلاح ما يمكن إصلاحه، في إطار الثوابت الوطنية المتعارف عليها”، موضحا في هذا الإطار “ارتباط بعث الروح في النص القانوني بوجود القضاء الأسري”.

وسجل المقايسي أن الحد من ارتفاع نسب الطلاق “يعد من أبرز التحديات المستقبلية والغايات المرجوة من تعديل مدونة الأسرة”، لافتا إلى أن “المدونة المقبلة يجب أن تعيد النظر في أمور عدة بما سيمكن من النهوض بهذه المؤسسة الاجتماعية”.

كما أوضح، فيما يخص زواج القاصر، أن “الشريحة الأكثر تعرضا للعنف بين النساء هي التي تمثلها اللواتي تزوجن في سن أقل من السن القانونية المحددة في 18 سنة كاملة، ففي المدن الكبرى لا يُمنح الإذن للبنات بالزواج إلا إذا تجاوزن 17 سنة شمسية”.

وأكد على “ضرورة إيلاء الأهمية المطلوبة لمسألة شروط الاستطاعة المادية والمعنوية والإدراك العقلي فيما يتعلق بأهلية الزواج، إلى جانب إقرار إطار دقيق لصلة الرحم في حالات الطلاق”، مشيرا في السياق عينه إلى “ضرورة الذهاب إلى اعتماد عقوبات بديلة بخصوص عدم الإنفاق على الأبناء”.

وفي ختام كلمته، نبه نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط إلى “ضرورة ممارسة الإعلام لدوره في التوعية والتثقيف، خصوصا فيما يتعلق بهذا الورش المجتمعي والأسري، سواء في الفترة الحالية أو التي تلي إصدار المدونة الجديدة، من أجل خلق ثقافة قانونية لدى المغاربة فيما يتصل بكيفية سير الأمور داخل مؤسسة الأسرة”.

مأسسة تكوين المقبلين على الزواج

هندة بودن، فاعلة سياسية وباحثة في الشؤون الاجتماعية، قالت إن “باب إعادة النظر في المدونة الذي فتحه الملك يهدف إلى خلق نوع من التجديد في النصوص المؤطرة للأسرة المغربية، وملاءمتها مع المقتضيات الدستورية”، منددة بـ”مجموع عمليات التشويش التي كانت تستهدف هذا الورش لحظة بدايته”.

وأكدت بودن، في مداخلتها، على “ضرورة مأسسة تكوين المقبلين على الزواج؛ هذا الأمر يروم الإعداد الجيد لأزواج المستقبل من خلال معرفتهم بما لهم وما عليهم”، لافتة إلى أن “الإشكاليات الاقتصادية التي يمكنها أن تواجه أطراف الأسرة سيتم تجاوزها بفعل الأوراش الاجتماعية التي انخرطت فيها المملكة”.

The post فاعلون يوصون بمأسسة الوساطة الأسرية وتكوين المقبلين على الزواج appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/0wms5SE

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire