يشير “وليام زارتمان” (William I. Zaratman) في حديثه عن الدولة المنهارة إلى أنها تلك التي لم تعد لها القدرة على القيام بوظائفها الأساسية، ولا تستطيع ضمان النمو الاقتصادي أو أي توزيع عادل للسلع الاجتماعية، وغالبا ما تتميز بانعدام المساواة الاقتصادية وبالمنافسة العنيفة على الموارد، وتنامي حالة من ازدواجية المسؤولية الأمنية، بحيث تتمتع جهة بسلطة تضاهي سلطة الدولة ووجود حالة من عدم الاستقرار السياسي، خاصة على المستوى المؤسساتي، واستمرار تدهور الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى ازدياد معدلات الفساد…
تلك عوامل تشكل نقطة البداية في حلقة الفشل، أما أكبر مؤشرات الإفلاس فيتجلى في الانهيار القيمي والأخلاقي والمجتمعي، حيث يسود الدجالون والنصابون والمدعون لوهم امتلاك الحقيقة وجالبو الحظ وطاردو مساوئ العين الشريرة والقدرة على إبطال السحر والتغلب على الخصوم، بل ينبري للترويج على هذه التفاهات أقلام مأجورة ورقاة محتالون ومعلقون رياضيون نصابون، بل قد تنخرط وكالة أنبائهم الرسمية في نشر هذه التفاهات كما هو حال جيراننا شافاهم الله، حيث ادعوا تعرض فريقهم لكرة القدم لسحر وعين وتنويم ميغاطيسي، في محاولة لاستبلاد الشعب الشقيق الذي يتوق إلى لحظة فرح تنسيه مرارة الأزمة والطوابير.
لقد انخرط الجميع في خطاب تضليلي يوهم بأن هناك مؤامرة إقليمية ودولية تحاك ضد القوة الضاربة، بل وحتى من البنك الدولي والمنظمات الدولية، وأن أسباب تردي أرضية الملاعب وندرة السلع وانسداد الأفق وكل الإخفاقات السياسية والديبلوماسية مردها إلى الجار الذي تحالف مع قوى طبيعية وأخرى لا مرئية من أجل النيل من دولة القوة الضاربة، وذاك هو العبث بعينه!!
نعم لقد اتخذوا طيلة السنوات الثلاث الماضية من نتائج المنتخب الجزائري الشقيق وسيلة للتخدير وضرب الحراك وإلهاء الشعب عن مطالبه العادلة في العيش الكريم، ووسيلة للبحث عن الشرعية الضائعة. لكن مطالبهم من الفريق لم تتوقف، بل بتنا نصبح على بيانات عسكرية ورئاسية عقب كل مقابلة، حيث حول ماسكو قصر المرادية كرة القدم إلى وسيلة للإلهاء والاستخفاف بإخوتنا في الجزائر.
إن المنتخب الجزائري الشقيق الذي نكن له كل الحب والاحترام والتقدير، حيث يختلط الدم والعرق والتاريخ المشترك، والذي لطالما تغنينا بانتصاراته، تعرض لضغط نفسي رهيب ظهر باديا على محيا مدربه ولاعبيه، مما أفقدهم التركيز، حيث صوروا لهم أن مقابلة بسيطة في كرة القدم ترتهن إلى الروح الرياضية واللعب النظيف، قد أصبحت مسألة حياة وموت، وأنها أم المعارك، وأن أرواح الشهداء معلقة على هذا النصر… و… والكثير من التفاهات التي جعلتهم مسخرة للعالمين، وأن الجنرال بلماضي “وزير السعادة”، الذي بالمناسبة نكن له كل التقدير ونفخر به كإطار تدريبي من العيار الثقيل، مطالب هو وكتيبته برفع التحدي في ساحة الوغى بالكاميرون، وجندوا لذلك رقاة محتالين رشوا الماء المرقَّى على جنبات الملعب موهمين الجماهير البئيسة بالفتح المبين…!!
لكن ويا للأسف، تعرض الخضر للهزيمة جراء ضغط رهيب… كنا نمني النفس أن ينتصروا وأن يعيدوا البسمة إلى الشعب المغلوب على أمره، ففي فوزهم فوزنا وفرحنا المغاربي الكبير، لكن الكابرانات أفسدوا فرحتنا جميعا. ولعلمهم، إن التاريخ من الشاهدين…
The post بوادر "الدولة المنهارة" appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3rVviv0
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire