سمية أوشن تقرب الكنديين من وجهات سياحية مغربية "غير كلاسيكية"

بخبرة ميدانية تمتد من العلوم الاقتصادية إلى تنظيم الخرجات والأسفار السياحية، مرورا بمدارك في التدبير المعلوماتي وتجارب عمل في قطاعات متباينة، تحرص سمية أوشن على أن تشق لنفسها مسارا متميزا في مونتريال وكبيك وعموم كندا، وبطريقتها الخاصة تواظب على إبقاء طموحاتها المستقبلة مرتبطة بجذورها المغربية.

تتولى المغربية نفسها مسؤولية التطوير والتسويق على مستوى شركة خدماتية متخصصة في الترويج لوجهات عديدة، أهمها مدن وقرى بالإكوادور وكرواتيا واليونان وتركيا، وحواضر وبوادي في مصر والهند وفيتنام، وبجانبها تقترح على الزبائن الانتقال لمجاورة المغاربة في تجارب إنسانية ثرية بأماكن كامحاميد الغزلان ومير اللفت وغيرها.

من وجدة إلى كندا

تنحدر سمية أوشن من جذور أمازيغية تربطها بمنطقة الريف وتشدها إلى تخوم مدينة الحسيمة، لكنها ازدادت في الحيز الترابي لوجدة، وكبرت في عاصمة جهة الشرق بالمغرب، ثم انتقلت إلى الاستقرار في الصويرة لدواع مهنية، وبعدها جاءت مرحلة الاستقرار خارج البلاد، على التراب الكندي، لأسباب أسرية.

تقول سمية: “أنتمي إلى أسرة أمازيغية ريفية استحضرت ثقافتها الأصلية في مختلف تفاصيل تربيتي خلال مرحلَتي الطفولة والمراهقة، بينما الولادة ثم النشأة كانتا في مدينة وجدة. أما دراستي فإنني أراها مرت بكيفية جيدة، إذ حصلت على مدارك في العلوم الاقتصادية، من جهة، بجانب مهارات في التدبير المعلوماتي، من جهة ثانية”.

حصلت أوشن على فرصة للاشتغال في المدرسة العليا للتكنولوجيا بمدينة الصويرة، ما أتاح لها الخروج من وجدة لشق مسار مهني خاص بها، وقد استمرت التجربة 5 سنوات قبل أن تقبل الزواج برجل كندي، لتبصم على ثاني تغيير لفضاء الاستقرار في حياتها، سنة 2009، بعدما تحركت من الصويرة إلى كبيك.

فترة للاعتياد

احتاجت سمية أوشن بعض الوقت من أجل الاعتياد على طبيعة الجو في كندا، والاستئناس بالانخفاضات الحادة التي عرفتها درجات الحرارة خلال السنة الأولى من تواجدها في هذه المنطقة من أمريكا الشمالية؛ وبالتزامن مع ذلك حاولت الوافدة من الصويرة التعرف على سمات معاملات الناس وتحقيق الاندماج في المجتمع.

وتتذكر سمية ما جرى في تلك الفترة حين تورد: “لم تكن الأحوال مشابهة لما نشهده اليوم بعد التطور الكبير في وسائل التواصل الاجتماعي، أو على الأقل هذا ما كنت أشعر به في ذلك الأوان، إذ لم أرصد حضورا بارزا للجالية المغربية مثلما يتم اليوم، وغاب مركز ثقافي مغربي قادر على ضم أبناء الوطن كما يجري حاليا”.

عملت أوشن على الانخراط في أعمال مختلفة منذ الشهر الأول لوصولها إلى بلد الاستقبال، متنقلة بين مهام في ميادين كثيرة، أبرزها خدمات التجميل والمساعدة في التعامل مع زبائن الصيدليات، ثم استقرت على الاشتغال في شركة ناشطة ضمن قطاع النقل، وانتقلت إلى أخرى مشابهة في المرحلة الموالية.

فرصة وسط البيت

أخذت سمية أوشن في التفكير لتغيير ميدان اشتغالها، وانطلق ذلك حين استشعرت تزايد الضغط وارتفاع منسوب الإرهاق نتيجة الالتزام على جبهتين، الأولى مهنية تحتاج التنقل كثيرا على الطرقات والتركيز الكبير في المهام، بينما الثانية ترتبط بواجبات الأمومة تجاه طفلتين اثنتين رزقت بهما.

تقول المنتمية إلى صف الجالية المغربية في كندا: “استغرقت مدة في التفكير ضمن مصيري المهني، مركزة ذهني على ما أعرف القيام به ويمكن أن ألتزم به بشغف كبير، ولم أجد غير شركة زوجي لأنني كنت أعمل على الحلول مكانه من حين لآخر، بل أشرفت على إبرام بعض عقودها نيابة عنه، وكنت على اطلاع نسبي بنشاطها في تنظيم الأسفار”.

“الشركة اسمها Allo destinations، وقد تفاوضت مع زوجي بناء على مخطط أعمال قمت بإعداده، وتناقشنا في تفاصيل المشروع الذي أبتغي تحقيقه، وأيضا القيمة المضافة التي أقترح تقديمها مقاولاتيا، ثم جاء الاتفاق بيننا على تولي مسؤولية التطوير والتسويق وفق أهداف محددة، وتعاقدنا على ما يتيح رفع رقم المعاملات وتوسيع الانتشار في السوق”، تضيف أوشن.

تحديات غير كلاسيكية

تحرص سمية أوشن، من خلال موقعها الحالي في ميدان تنظيم الأسفار، على ضمان مكانة جيدة لتواجد المغرب بين الوجهات السياحية المقترحة على الكبيكيين، خاصة أن المقترحات الأخرى تحوز الجاذبية بعروض في كل من آسيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية، زيادة على مواقع بالقارة السمراء في كل من مصر وجنوب إفريقيا.

وتؤكد المزدادة في مدينة وجدة أن التطور حاضر من خلال ارتقاء الإقبال على الوجهة المغربية حتى بلغ نصف رقم المعاملات المحققة من طرف الشركة، كما أن العمل مع الشركاء يتيح ترويج أسفار ببرامج مبنية على أسس ثقافية ورياضية، بحضور متميز أيضا لثراء المطبخ المغربي وتكوين يمكن المستفيدين من إعداد بعض الأكلات عند العودة إلى ديارهم.

كما تشدد أوشن على وجود مقاربة نوعية تبتغي، إلى جانب استحضار المكانة البارزة للوجهات المغربية الكلاسيكية، الترويج لفضاءات مغايرة تتجاوب مع حاجيات السياح الكنديين، ومن بينها امحاميد الغزلان ومرزوكة وتارودانت ومير اللفت؛ إضافة إلى الاعتماد على مرشدين سياحيين قادرين على إغناء البرامج بمعطيات تاريخية تتيح ربط الماضي المشرق للحضارة المغربية بما هو كائن اليوم ويلوح أمام الأعين.

طموح ببصمة مغربية

تعترف سمية أوشن بامتلاكها رغبة ملحة في التقريب بين المغرب وكندا باستثمار ما يتيحه موقع أدائها المهني في مجال السياحة والأسفار، وتعتبر أن الغرض من هذا الطموح المتنامي يتمثل، أساسا، في محاولة المساهمة ضمن جهود تقريب الشعبين أكثر فأكثر، وأن يصير كل طرف قادرا على فهم الآخر بما يتيح تدعيم الثقة وعدم التخوف من إبرام شراكات “رابح-رابح”.

وتضيف سمية: “التقريب بين المغاربة والكنديين بدأته قبل سنوات عديدة من محيطي، إذ قبلت أن أؤسس أسرتي بالتعامل مع زوجي الكبيكي، ومنذ ذلك الوقت نحاول أن نفهم بعضنا البعض، وهذه الوضعية تمنحني طاقة إيجابية لتوسيع دائرة التجربة كل يوم، ومن بين تجليات ذلك العمل على إقناع الزبائن بمميزات التوجه معنا للعيش فترة وسط الشعب المغربي”.

تعترف أوشن بأن سقف طموحاتها يرتفع على مراحل، وبأن الظرفية الحالية مشجعة للغاية لإبقاء هذا التصاعد حاضرا، خاصة أن العرض السياحي المغربي آخذ في اكتساب مكانة عالمية أرقى، والتسويق الذي تتكلف به وكالة “ألو ديستيناسيون” ينال الاهتمام من طرف راغبين في زيارة المغرب انطلاقا من كبيك وأونطاريو؛ بينما يوجد توجه للانفتاح قريبا على مناطق كندية أخرى.

التوفيق بحضور “النية”

ترى المنخرطة في تجربة الهجرة إلى كندا أن الحاملين رغبات في شق مساراتهم في البلاد نفسها، كيفما كانت توجهاتهم وبغض النظر عن القدرات التي يمتلكونها، ينبغي لهم أن يفكروا في ترتيب الأولويات، وإيلاء الأهمية للقيام بما يحبون أكثر، ثم الحرص على التعامل مع المجتمع بكل صدق.

وتعتبر الفاعلة في القطاع الخدماتي السياحي على صعيد كبيك، في استحضار لما مرت به منذ وصولها إلى مونتريال قبل قرابة 15 سنة، أن التعامل مع المجتمع الكندي يستلزم الأخذ باعتبارات أساسية بسيطة، تتجلى في امتلاك قلب مؤمن بتحقيق المبتغي، من جهة، وإطلاق التفكير في الجدية على الدوام، من جهة ثانية.

“صحيح أن الإنسان يبقى مخيرا في الدفع بنفسه إلى معانقة كافة صور الازدهار خلال الحاضر والمستقبل، ويمسك بيده أسس المبادرة إلى فعل ما يصب في هذا التوجه الإيجابي، لكن معتقداتنا ترتبط أيضا بضرورة الاستفادة من التيسير الإلهي لأعمالنا، واستدعاء التوفيق الرباني في الخطوات التي نقوم بها، لذلك علينا التحلي بالصفاء .. و’نْدِيرُو النِّية'”، تختم سمية أوشن.

The post سمية أوشن تقرب الكنديين من وجهات سياحية مغربية "غير كلاسيكية" appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/bcx6igO

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire