القاطرة الاقتصادية تجر العربات السياسية نحو إرساء الثقة بين الرباط وليما

تواصل العلاقات بين البيرو والمملكة المغربية السير في مسارها التصحيحي؛ فبعد ابتعاد ليما في شتنبر المنصرم، رسميا، عن الاعتراف بجبهة البوليساريو، تعود اليوم للتعبير عن رغبتها في توقيع اتفاقية للتبادل الحر مع الرباط.

وكانت العلاقات بين الطرفين قد عاشت على وقع تجاذبات ومتغيرات عنوانها الفاصل جبهة البوليساريو المسلحة؛ فبين سحب الاعتراف بها، ثم إعادته في خطوة استفزازية من الرئيس السابق، تلعب اليوم الرئيسة الجديدة، دينا بولوارتي، عنصر الطمأنينة وعودة الثقة بين الرباط وليما.

ويشكل العمق الأمريكي الجنوبي هدفا اقتصاديا أساسيا للمملكة المغربية، خاصة بعد تشديد الملك محمد السادس، في خطاب المسيرة الخضراء خلال نونبر الجاري، على وجود طموح لتحويل الواجهة الأطلسية إلى نقطة التقاء اقتصادية مع القارتين الإفريقية والأمريكية اللاتينية.

في المقابل، ترى البيرو، كما هو الحال لدى دول أمريكا اللاتينية، في المملكة المغربية سوقا واعدة تساهم في تنشيط اقتصادها الراكد، الذي عانى وما يزال من التوترات الأمنية والسياسية.

حول الفرص الاقتصادية الواعدة التي تنتظر البيرو والمغرب، قال المهدي الفقير، خبير اقتصادي، إن “التكامل الاقتصادي بين ليما والرباط يأتي في ظل حاجة البلدين لكل هاته الفرص الاقتصادية المتوفرة”.

وأضاف الفقير، في تصريح لهسبريس، أن “البيرو بلد رائد في مجال الصناعة المنجمية، خاصة معدن النحاس الذي من الممكن أن يستفيد منه المغرب بشكل كبير، سواء عبر الاستثمار في هذا المجال أو الاستيراد، خاصة وأن بلادنا لها بنية صناعية تحتاج إلى المواد الأولية”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “البيرو أيضا مهتمة بالقطاع الفلاحي المغربي، حيث جاء عدد من مستثمريها لوضع أموالهم هنا”، موردا أن “السياق السياسي الحالي والمستقبلي سيرفع من قيمة هذا التعاون إلى مستويات جد متقدمة”.

وأفاد الفقير في هذا السياق بأن “دول أمريكا اللاتينية، للأسف، ولعقود مضت، كانت غارقة في بروباغندا الأسطوانة الانفصالية لجبهة البوليساريو، بعضها تحرر من هاته الأطروحة، فيما ما يزال البعض مستمرا في الغرق فيها”.

وشدد الخبير الاقتصادي عينه على أن “أي زعيم يساري في أمريكا اللاتينية يتبنى، للأسف، مزايدات حول قضية الصحراء المغربية، وذلك في مواجهة صوت واضح لشعوب المنطقة، وهو ما لاحظناه في البيرو”.

من جانبه، قال إدريس العيساوي، محلل اقتصادي، إن “المغرب له علاقات متقطعة مع أمريكا اللاتينية، ولم يكن يعطيها اهتماما ديبلوماسيا في وقت سابق”.

وأضاف العيساوي أن “السنوات الأخيرة عرفت عملا قويا بفعل رعاية ملكية وتوجيه دقيق بالتعامل مع هاته البلدان، وتعزيز العلاقات الاقتصادية معها”.

وتابع قائلا: “هاته البلدان مهمة من الناحية التجارية، لكن التعامل معها كان صعبا بسبب مشكل التواصل اللغوي. واليوم مع التغيرات الجارية، سيكون التعامل معها ضروريا، خاصة وأننا نسمع البيرو تريد اتفاقية للتجارة الحرة مع المغرب”.

هذا المؤشر، بالنسبة للمصرح لهسبريس، “جد هام للمغرب كدولة صاعدة تبحث عن أسواق جديدة لصناعاتها، ما يعني أن توقيع الاتفاق ضروري في الوقت الحالي حتى نضمن سوقا أخرى، مع العمل على تعميم ذلك على جل الأسواق بالقارة الأمريكية الجنوبية”.

The post القاطرة الاقتصادية تجر العربات السياسية نحو إرساء الثقة بين الرباط وليما appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/PKtJmD5

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire