نظمت مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم، بشراكة مع جمعية جهات المغرب، ندوة دولية في موضوع “من التربية الدامجة إلى المجتمع الدامج.. أي مسارات ممكنة؟”، بفضاء مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، تزامنا مع اليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة، الذي يحرص المغرب على تخليده في 30 مارس من كل سنة.
وأوضح المنظمون أن هاته الندوة تندرج في سياق المبادرات التي يطرحها المجتمع المدني بصفته طرفا شريكا في مسلسل التنمية بالمغرب، وقوة اقتراحية بإمكانها أن تسهم في تقديم حلول واستشارات وتطوير بدائل وسياسات عمومية ناجعة وفعالة.
وأضاف المصدر ذاته أن مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم حرصت على توجيه الدعوة إلى مختلف المؤسسات المعنية، بشكل مباشر أو غير مباشر، بملف الأشخاص ذوي الإعاقة بالمغرب، حيث شملت الدعوة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ومؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة. كما جرى توجيه الدعوة إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والمديرية العامة للجماعات الترابية ورئاسة جهة الرباط سلا القنيطرة وتنظيمات المجتمع المدني وخبراء وأساتذة باحثين مختصين من المملكة المغربية وجمهورية مصر والجمهورية التونسية وفرنسا.
واعتبرت كل المداخلات أن “الإعاقة ليست معطى فيزيولوجيا، بل إنها بناء اجتماعي، وصورة نمطية، يُعتبر المجتمع المسؤول الأول والأخير على ترسيخها في الأذهان والمعاملات بوصفها تمثلات وممارسات اجتماعية”. ولعل هذا ما حذا بمنظمي هذه الندوة إلى “تثمين مفهوم المجتمع الدامج وعدم حصر المشكلة في نطاق التربية الدامجة”.
وأشار المشاركون في اللقاء إلى أن “حجم المشكلة، وما تقتضيه من قطائع على مستوى المقاربة، يدعونا إلى الابتعاد عن المقاربة الإحسانية، والمرضية للإعاقة، وتبني مقاربة حقوقية إنسانية، بدءا بضرورة الإقلاع عن استعمال مصطلح المعاق وتعويضه بعبارة الشخص في وضعية إعاقة؛ نظرا لكون الإعاقة لا تنطبق على هوية الشخص الذي ينعت كذلك، بل على الشرط والوضعية التي يوجد فيها هذا الشخص”.
أما على المستوى القانوني، فقد أكدت بعض المداخلات على ضرورة “العمل على مطابقة التشريعات للشروط الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة”؛ فيما وقفت كثير من المداخلات، في المستوى السياسي، على ضرورة “إسهام المجتمع المدني في صوغ السياسات العمومية الخاصة بالإعاقة في إطار فلسفة تدبيرية تشاركية، وفي تتبع عمل البرامج والمشاريع في مجال إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب”.
أما على المستوى الاجتماعي، فقد أكدت أكثر من مداخلة على “الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه الإعلام والتواصل في تغيير نظرة المجتمع إلى الأشخاص في وضعية إعاقة؛ لذلك يتعين على الإعلاميين تسليط الضوء على التجارب الإيجابية والمتميزة والإبداعية للأشخاص في وضعية إعاقة”.
وتُوجت الندوة بمجموعة من التوصيات، تتمثل في “إنشاء صندوق خاص بالمشاريع المرتبطة بالأشخاص في وضعية إعاقة يمول من مداخيل نسبة مئوية من بطائق الطائرات والبواخر دخولا وخروجا من وإلى المغرب، ومن الشركات الكبرى المغربية والأجنبية المستثمرة في المغرب”، و”إعادة النظر في قانون 65-15 أخدا بنظر الفاعلين الميدانيين”، و”تمكين مؤسسات الرعاية الاجتماعية الجادة والمرخص لها من صفة المنفعة العامة”.
وورد ضمن التوصيات أيضا “اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في مختلف السياسات المعتمدة في مجال الإعاقة”، و”استحضار خصوصيات النساء في وضعيات إعاقة”، و”التأكيد على الحاجة إلى إحصاءات أكثر دقة بخصوص النساء في وضعيات إعاقة”، و”تخصيص ميزانيات لإنتاج أعمال درامية وبرامج إذاعية تعرف بواقع الأشخاص في وضعية إعاقة”، و”تخصيص وزارة الثقافة لجائزة سنوية تعرف بإبداعات الأشخاص في وضعية إعاقة، وتثمن تميزهم”.
ودعا المشاركون في اللقاء، من خلال التوصيات، إلى “خلق هيئة وطنية صحية تعنى بالمواكبة الصحية لهاته الفئة”، و”إنشاء مختبرات بحثية في موضوع التربية الدامجة بمراكز ومعاهد التربية والتكوين عبر جهات المملكة”، و”توفير ظروف الحياة التربوية والاجتماعية والمهنية ملائمة ومكيفة مع خصوصية كل إعاقة على حدة”، و”الدعوة إلى الإسراع بملاءمة التشريعات الوطنية طبقا للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”.
وجاء ضمن التوصيات “التسريع بتنزيل مقتضيات قانون الإطار 97-13″، و”الانفتاح على التجارب الدولية في التعاطي مع الإعاقة”، و”دعوة الإعلام الوطني بكل أنواعه إلى التعاطي بعقلانية وحرفية مع وضعيات هاته الفئة وإبراز التمثلات الفضلى للأشخاص ذوي الإعاقة”، و”الدعوة إلى عقد مناظرة وطنية للحديث عن الاحتياجات الخاصة والفعلية بإشراك كل الفاعلين وفي طليعتهم الأشخاص في وضعية إعاقة، وإنشاء هيئة مهمتها تتبع مخرجاتها”.
The post ندوة تقارب مسارات المجتمع الدامج appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/aV9Roeg
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire