مشاهد يومية في إقليم الفقيه بن صالح .. واقع هش ووعود موؤودة

في إقليم الفقيه بن صالح تتعدد مظاهر الهشاشة ويتجلى البؤس واليأس في مشاهد يومية، ومثلما تتكلم رداءة البنى التحتية عن تعثرات بعض المجالس الجماعية الموكول إليها تدبير الشأن المحلي، تبوح آلام الساكنة بتبخر الوعود الوردية لبعض التنظيمات السياسية، ما يتسبب في تلاشي الحقوق المكفولة دستوريا للفرد، وانتفاء شروط العيش الحقة.

في معظم هذه القرى والمراكز الحضرية، حيث يتم ضخ مئات الملايين من السنتيمات سنويا من ميزانية الدولة، يلحظ المرء آثار الزمن القاسي على وجوه الأهالي، ويشتم رائحة الإقصاء والتهميش في الطرق والمسالك المتربة، كما يلمس فشل المجالس الجماعية في تعثر المشاريع التنموية، التي انتظرت الساكنة بعضها لسنوات ولم يكتمل والبعض الآخر طواه النسيان.

أمين الزويتي، طالب باحث من ساكنة المنطقة، قال في تصريح لهسبريس: “في هذه التجمعات السكنية شاخت انتظارات الساكنة في الحصول على تنمية حقيقية، وأضحى موضوع تأهيل البنى التحتية إشكالا بنيويا جراء الفشل الذريع الذي يلازم أغلب المجالس الجماعية المتعاقبة على تدبير الشأن المحلي منذ سنوات”.

وأضاف: “خلال كل استحقاق تتعهد المجالس الجماعية بحل العديد من الإشكالات التنموية، وتأتي ببرامج واعدة، لكن سرعان ما تتبخر الوعود وتتجدد جراح الساكنة مع رداءة الطرق والمسالك، وندرة ملاعب القرب، وهشاشة الوضع الصحي والتعليمي، وغياب مرافق الترفيه، وارتفاع منسوب التلوث، وشح مياه الشرب والسقي”.

والخطير في الأمر، يستطرد المتحدث أن “غالبية هذه التجمعات السكنية باتت تتقاسم هذه الإشكالات التنموية، بما في ذلك المراكز الحضرية الصاعدة بالإقليم، التي تشكو هي الأخرى من الإهمال والبطالة ورتابة الزمن، ومن ظاهرة البناء العشوائي والاكتظاظ الناتج عن هجرة العشرات من القرويين سنويا بحثا عن العمل أو رغبة في تغيير نمط العيش”.

وقال وراد صالح، ناشط حقوقي: “لم يعد هناك فرق كبير بين قرى ومراكز إقليم الفقيه بن صالح، فباستثناء بعض التجمعات الحضرية المعدودة على رؤوس الأصابع، كمراكز أولاد عياد وسيدي عيسى وبني وكيل، إلى حد ما، تبقى رداءة البنى التحتية وتعدد مشاهد البداوة واستفحال التلوث وغياب الماء الشروب، همّا مشتركا لدى السكان والسلطات على حد سواء”.

وبقدر ما تشكو قرى الفقيه بن صالح من رداءة الطرق والمسالك وغياب ملاعب القرب والمرافق السوسيو-اجتماعية، بقدر ما تعاني مراكز الإقليم من إكراهات الصحة والتعليم وغياب فرص الشغل، وقلة دور المرأة والفتاة، وتلازم عمليات الهدم والبناء والترميم والترقيع التي تفسد جمالية الشوارع والأزقة وتهدر المال العام، بحسب إفادة وراد صالح لهسبريس.

واعتبر المتحدث الوضعية التي تعرفها البنى التحتية بالعديد من جماعات الإقليم، “مؤشرا على سوء التدبير والتسيير، وعلى غياب مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ونتاجا لضعف آليات المراقبة للأوراش التنموية”، داعيا الجهات الوصية إلى فتح تحقيق في المشاريع المنجزة، خاصة منها الطرق والمسالك، وفي سندات الطلب التي باتت تميز مجالس جماعية بالإقليم عن غيرها.

وفي معرض تعليقه، قال مصدر مسؤول لهسبريس إن “المجالس الجماعية بالإقليم واعية بالإشكاليات التنموية المطروحة، خاصة وضعية البنى التحتية بالقرى والمراكز الحضرية”، مشيرا إلى أن “السلطات تتابع عن كثب مختلف المشاريع التنموية مهما كانت تكلفتها وأهميتها”، مبرزا أن “تعثر بعض المشاريع كان بسبب الجائحة ولا علاقة له بفشل المجالس الجماعية”.

وأضاف أن “إقليم الفقيه بن صالح تعزز في السنوات الأخيرة بعدة مشاريع تنموية وحقق طفرة مهمة، خاصة على مستوى الطرق والمسالك”، مشيرا إلى أن “بعض الجماعات استفادت مما يقارب 60 كيلومترا من الطرق المعبدة، والقناطر والآبار، ومن حجرات التعليم الأولي وأسطول النقل المدرسي والدعم الرياضي، إلى جانب مشاريع تنموية عدة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، جلها كان له وقع إيجابي على الساكنة، وتروم تأهيل العالم القروي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي”.

واعتبر المتحدث “البنية التحتية أحد أبرز الاختصاصات الموكولة إلى المجالس الجماعية المحلية، نظرا لما يكتسيه الأمر من أهمية بالنسبة إلى المواطن والمجتمع على حد سواء”، مشيرا إلى أن “أكثر من جماعة ترابية بالإقليم تمكنت خلال الولاية الانتخابية الأخيرة من الصعود الى مصاف المراكز الحضرية بعدما نجحت في تنزيل نسبة مئوية مهمة من برنامج عملها التنموي، بتنسيق مع السلطات الإقليمية التي تعطي الأولوية للمشاريع التنموية الرامية إلى النهوض بالبنى التحتية وتأهيل الرأسمال البشري”.

وكان رئيس المجلس الإقليمي للفقيه بن صالح قد أوضح خلال دورة المجلس العادية المنعقدة في شهر يناير المنصرم، أن مجلسه استثمر خلال الفترة الممتدة ما بين 2015 و2018، أزيد من 40 مليار سنتيم في مشاريع تنموية بجماعات الإقليم الترابية، تهم قطاع الكهرباء، والطرق، وتأهيل المراكز الحضرية والمسالك والصرف الصحي، وحفر الآبار وبناء خزانات الماء، وإنجاز ملاعب القرب، والربط بالماء الشروب، وإعداد الدراسات التقنية.

وكشف تقرير أعده المجلس الإقليمي عن حصيلة السنوات الثلاث الأولى من ولايته المنتهية، أن النتائج المحصل عنها تفوق التوقعات مقارنة مع المجالس الإقليمية بجهة بني ملال خنيفرة، حيث بلغ حجم الاستثمارات المالية 407.266.507.00 دراهم، منها 13.546.214.9 دراهم لمشاريع الكهرباء، و155.631.707.00 دراهم للطرق، وتأهيل المراكز بمبلغ 161.101.566.00 درهما، والتطهير السائل بمبلغ 31.238.030.4 دراهم، وبناء الخزانات المائية بمبلغ 20 مليون درهم، والماء الصالح للشرب بمبلغ فاق 6 ملايين درهم، والبنايات بـ4 ملايين درهم، والآبار بـ3 ملايين درهم، وتشييد المسالك بمبلغ 2.160.492.00 درهما، والدراسات بـ 1.319.984.79 درهما، ومراقبة جودة المشاريع بمبلغ 1.505.963.50 درهما.

The post مشاهد يومية في إقليم الفقيه بن صالح .. واقع هش ووعود موؤودة appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3ticrdU

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire