قال عبد الكريم الطالب، عميد كلية الحقوق بمراكش، إن المغرب يتبوأ مكانة إقليمية ودولية متميزة بفضل السياسة الرشيدة للملك محمد السادس، مؤكدا أن المملكة تحظى باحترام المجتمع الدولي بفضل سياسة جلالته الخارجية المتوازنة والمبنية على الدفاع عن القضايا والمصالح الوطنية وعلى نهج التعاون والتضامن.
وشدد المتحدث ذاته، الذي كان يتحدث في ندوة وطنية نظمت عن بعد من طرف مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات بجامعة القاضي عياض بمراكش، على المساهمة المغربية في حل النزاعات وتحقيق السلم والأمن الدوليين، وذلك انسجاما مع مقتضيات الدستور الذي يؤكد في ديباجته على مواصلة العمل للمحافظة على السلام والأمن في العالم.
وأشار العميد، خلال الندوة التي تمحورت حول السياسة الخارجية المغربية والتحولات الإقليمية والدولية الراهنة، إلى أن الدبلوماسية المغربية أبانت عن حنكة عالية في التعامل مع مجموعة من المحطات الصعبة التي واجهت المملكة خلال السنوات الأخيرة، مستحضرا تعزيز علاقات التعاون في الدوائر العربية والإسلامية والإفريقية والدولية.
من جانبه توقف إدريس لكريني، مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات، عند المتغيرات التي شهدها العالم وأدت إلى تغيير الأولويات وتنامي المخاطر العابرة للحدود، وكذا التحولات التي مست أركان النظام الدولي وساهمت في صعود عدد من القوى الدولية الكبرى، وحدوث تغير على مستوى موازين القوى الدولية والإقليمية.
وأضاف مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات أن “المغرب سعى إلى تكييف سياسته الخارجية مع هذه المتغيرات، مع الحرص على استحضار ثوابت ومحددات هذه السياسة، ما مكنه من خوض مجموعة من المحطات الضاغطة التي تواجه مصالحه الحيوية، وشكلت مناسبة للوقوف على الملامح الجديدة التي باتت تطبع هذه السياسة في عالم متحول”، وفق تعبيره.
أما محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، فأوضح خلال مداخلته “الجوار الحذر.. قراءة في طبيعة العلاقات المغربية-الإسبانية”، (أوضح) أن العلاقات المغربية الإسبانية “يطبعها الانفراج تارة والأزمات والتوتر تارة أخرى، آخرها أزمة جزيرة ليلى خلال العقد الأول من القرن الحالي، واستقبال زعيم البوليساريو مؤخرا”.
وأرجع نشطاوي هذا المد والجزر إلى “الإرث التاريخي لهذه العلاقات، المتمثل في الحقبة الاستعمارية والنظرة الاستعلائية والمتوجسة لإسبانيا تجاه المغرب، خصوصا بعد التوجه المغربي نحو عمقه الإفريقي، وما أفرزه من تطورات في هذه العلاقات، جعلت إسبانيا تنظر إلى المغرب كمنافس لها في المنطقة”.
وأضاف الأستاذ ذاته: “إذا كانت إسبانيا أصبحت في السنوات الأخيرة تعتبر الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، مزيحة فرنسا، فإن هناك مجموعة من المشاكل والقضايا تتحكم في هذه العلاقات، أبرزها ثغرا سبتة ومليلة، والجزر البحرية، وقضية الهجرة السرية، وقضية الإرهاب، وهي قضايا يجب أن يشكل الطرفان خلايا لفتح نقاش عميق بينهم لإيجاد حلول لها تحقق مصالح الجميع”.
من جانبه أشار عبد الفتاح بلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، إلى التطورات التي عرفتها قضية الوحدة الوطنية خلال السنوات الأخيرة، خصوصا على مستوى تقارير مجلس الأمن، التي أصبحت تتماشى إلى حد ما مع التوجهات المغربية المطالبة بإيجاد حل سياسي توافقي لقضية الصحراء.
وأوضح المتحدث ذاته أن المغرب حقق انتصارات قانونية مؤخرا في هذه القضية، إذ إن إعلان البوليساريو انسحابها من اتفاقيات وقف إطلاق النار الموقعة بين الطرفين يجعلها خارج المسار الأممي.
أما مليكة الزخنيني، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، فأوضحت من خلال مداخلتها “تحولات السياسة الخارجية للمغرب في ضوء نزال القوة الإقليمية المغربي-الجزائري” أن للمغرب “جوار صعب” سمته توترات حدودية مع جيرانه، بفعل التركة الاستعمارية الثقيلة، وبذلك تكون قضية “الوحدة الترابية” للبلد هي أهم موجهات سياسته الخارجية.
وبالنظر إلى حجم تورط الجزائر في هذه القضية، ومسار علاقتها بالمغرب، والطموحات التي تفصح عنها قيادتها العسكرية في كل مناسبة باعتبارها قوة إقليمية، فإن صانع القرار السياسي الخارجي في المملكة يبقى مستحضرا في صوغ إستراتيجياته وتوقعاته وردود فعله السلوك الجزائري بنفس الدرجة التي يباشرها الطرف الجزائري، على اعتبار نزال القوة الإقليمية الذي يخوضه البلدان القائم على تقويض قدرات الخصم مقابل تعظيم عناصر القوة الذاتية على مختلف المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
أما محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، فأبرز في مداخلته “السياسة الخارجية المغربية تجاه دول الجوار: قراءة في المحددات والتحولات”، أن السياسة الخارجية المغربية شهدت تحولا إستراتيجيا بعد سنة 2016 انطلاقا من ثلاثة مرتكزات أساسية؛ استقلالية وسيادة القرار المغربي، وتنويع الشركاء على المستوى الدولي، والواقعية والبراغماتية في التعاطي مع التطورات الدولية.
وأشار الزهراوي إلى قيام المغرب بعقد شراكات اقتصادية مع العديد من القوى الدولية الصاعدة، كالصين وروسيا، مع عدم التسامح مع بعض الدول المعادية للوحدة الترابية، كما اتضح من خلال الأزمة مع ألمانيا وكذلك إسبانيا، متسائلا عن المصالح التي سيجنيها المغرب في تعاطيه مع القضية الليبية، وإلى أي مدى ستبقى النخبة السياسية الموجودة حاليا في السلطة بليبيا للدفاع عن المصالح المغربية؟.
وقال الحسين الشكراني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، إن قضية التغيرات المناخية أصبحت من الانشغالات الأساسية للمنتظم الدولي، لكونها أصبحت تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، “غير أن تعاطي الدول الكبرى، خصوصا الصين الشعبية والولايات المتحدة الأمريكية، مازالت تتحكم فيه الاعتبارات المصلحية الضيقة؛ فالولايات المتحدة الأمريكية تحاول استغلال قضية التغيرات المناخية لاحتواء الصعود الصيني في من خلال آلية الفعل الجماعي”، مستحضرا توقعات تشير إلى تفوق الصين الشعبية على الولايات المتحدة في ما يخص الناتج الداخلي الخام خلال السنوات المقبلة ما بين 2025 و2030.
The post جامعيون يرصدون الملامح الجديدة للسياسة الخارجية المغربية في عالم متحوّل appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3dCQNKN
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire