ليلى الكوشي: أشتغل من كندا على الجمع بين أعمال الكواليس واعتلاء الخشبة

أقبلت ليلى الكوشي على التكوين الفني منذ الطفولة، لكن تحولها مهنيا نحو هذا المضمار لم يحضر إلا بعدما انخرطت في تجربة هجرة قادتها إلى كندا، وفي هذه المنطقة من أمريكا الشمالية عملت على التعامل مع الجمهور من فوق الخشبة، في بعض المرات، وتلبية أذواق الناس من وراء الكواليس، في مرات أكثر.

إذا كان اسم ليلى قد اشتهر خلال العقدين الماضيين كمغنية، فإن الكوشي جربت التخصص في العلوم القانونية والمهن السياحية، لتخلص في الأخير إلى أن أداءها يجعلها منتشية كلما ارتبط بعمل فني يتيح الحصول على قيمة مجتمعية مضافة، خصوصا إذا ساهم في تشجيع التسامح وعمل على المساهمة في نشر ثقافة السلام.

السنوات الأولى في الرباط

تفتخر ليلى الكوشي بكونها من مواليد مدينة الرباط، وأنها نشأت ودرست في العاصمة، وتشدد على أنها تمتعت بطفولة مليئة بالشغب الجميل لهذه المرحلة العمرية، مثلما راكمت حزمات من الذكريات الرائعة على امتداد الحياة البسيطة التي وفرتها لها أسرتها في هذا الحيز الجغرافي من المغرب.

تقول ليلى: “من حسن حظي أن الدراسة جمعتني بأناس خلاقين منذ نعومة أظافري، كما حظيت بتأطير جمعوي يشجع المواهب، ضمن جمعية المنار للتربية والثقافة في الرباط، ومن خلال هذا الإطار المدني حضرت في [القناة الصغيرة]، البرنامج التلفزيوني الذي كان مخصصا للأطفال على القناة الأولى حينها، ويبث صباح كل أحد كي يلقى متابعة واسعة”.

من جهة أخرى، تلقت الكوشي تكوينا في المعهد الموسيقي طيلة مدة زمنية عادلت في مجموعها 10 سنوات، وبذلك عملت على تطوير مهاراتها الغنائية على وجه الخصوص، بينما أسرتها كانت تعتبر هذا التأطير الإضافي محفزا على السير بكيفية جيدة في الدراسة، وأن استمرار التوجه نحو المعهد الفني يتطلب التميز في التعليم النظامي.

طموحات في كندا

جربت ليلى الكوشي التعليم العالي في القانون باللغة الفرنسية، وفي سنة 2003 قررت التوجه إلى الديار الكندية من أجل التخصص في تقنيات السياحة، لكنها عدلت توجهها بالإقبال على التكوين الأكاديمي في المهن الفنية عموما، والتركيز على ما يرتبط بالحقل السمعي البصري على وجه التحديد.

تذكر المزدادة في الرباط أنها لمست قدرتها على البذل في الاشتغالات التنظيمية والخطوات الإنتاجية ذات العلاقة والاشتغالات الفنية، وتقول: “‘كنت أعمل على مشاريع فنية تنفذ بطريقة جيدة على الخشبة، وهنا أدركت امتلاكي قدرات في المجال قبل أن أنكب على التكوين، بينما استجماع المدارك العلمية جعلني أطور نفسي أكثر فأكثر”.

تؤكد الكوشي أن قرار الانتقال إلى كندا كان سديدا، ورغم تعديل الغرض منه إلا أنه بقي ملتزما بهدفه الأساس المتمثل في البحث عن آفاق أرحب، ثم تزيد: “الجد في الدراسة والتمتع بالتحفيز يبقي الطموحات كبيرة في كندا، خاصة أن البلاد مبنية على الهجرة، وبالتالي يغيب عنها الميز العنصري بوجود بحث جماعي عن الاندماج، وكل شخص يريد التقرب من الآخر”.

لقب استوديو دوزيم

لم تعش ليلى الكوشي لحظة فاصلة تملي الحسم في وجوب التعامل مع الفن بمنهجية احترافية، بل اعتبرت دوما أن التعامل مع الموسيقى والغناء جزء من حياتها، وأن التكوين الأكاديمي في هذا المجال قد جاء لتغذية الموهبة التي تتمتع بها، وبالتالي تتوفر على منبع للتحفيز قبل أي اعتبار آخر.

تقول المستقرة في كندا: “شاركت في استوديو دوزيم سنة 2005 من أجل إرضاء والدتي، إذ تلقيت منها اتصالا هاتفيا يحثني على التقدم لخوض المسابقة بعدما حدد المسؤولون عنها موعد وصولهم إلى مونتريال لانتقاء المواهب، وبالتالي تدرجت في الإقصائيات طيلة شهور قبل الظفر بالجائزة الكبرى”.

“الفن في المغرب أو خارجه ليس مهنة رئيسية لدى الأغلبية، ويتعزز ذلك حين يغدو الفن عاجزا عن تحقيق الذات أو احترام المبادئ التي تربى عليها المرء. لذلك، فإن تتويجي بلقب استوديو دوزيم لم يمنعني من استكمال دراستي، وبعدها عملت على تدبير معاملاتي الفنية وفق ما يرضي قناعاتي وتطلعاتي المستقبلية، وحاولت التطور في مسار ملتزم يمكن أن يصير نموذجا للخلَف”، تزيد الكوشي.

شروط اعتلاء الخشبة

تحرص ليلى الكوشي على تدبير أجندتها الفنية انطلاقا من كندا. وبخصوص اعتلاء المنصات الغنائية، فإنها تحاول النأي بذلك عن المواعيد صرف تجارية، لكنها لا تتردد في التواجد ضمن حفلات تعتبرها ذات قيمة مضافة عالية، وتعطي الأولوية لمشروع ‘’العيش المشترك’’ باعتبارها حاملة للوائه في مونتريال منذ سنوات مضت.

تؤمن الفنانة نفسها بأن الأعمال الفنية قادرة على المساهمة بفعالية في تخطي الإنسانية كافة أشكال الكراهية، سواء كانت مبنية على اللون أو العرق أو الديانة، من أجل بلوغ التسامح وإرساء أسس السلام، ولذلك حرصت على المشاركة مع أوركسترات عالمية في حفلات مؤمنة بهذا الفكرة، في بلدان كثيرة، من بينها المغرب، للحصول على النتائج الإيجابية المرجوة.

‘’لا أعمل مغنية بالفاعلية الكلاسيكية، بل عندي 4 مواعيد كبرى ألتزم بها كل سنة، كحد أقصى، سواء في كندا أو خارجها، من بينها فعاليات [ذكريات الزمن الجميل] التي يرافقني فيها فنان عربي بشكل دوري وتحرص على تكريم أيقونة طربية وشخصيات ناجحة في مجالات متنوعة، كما لدي جولات غنائية مبنية على تيمات محددة، إضافة إلى مساهمات عابرة بأغان مصورة أو جينيريك عمل تلفزي’’، تقول الكوشي.

الاشتغالات في الكواليس

يعد تنظيم المواعيد الفنية نشاطا رئيسيا لليلى الكوشي. وبالتالي، فإنها تحرص على التواجد في الكواليس أكثر من الوقوف على منصات العروض، وتقوم من خلال شركة لها بالإشراف على إنتاج مواعيد كبرى، بكيفية حصرية أو بشكل مشترك مع فاعلين آخرين، كما تقدم خدمات في المسك بالإدارة الفنية لتظاهرات عديدة.

وترى صاحبة شركة ‘’الكوشي كوم إيفنت’’ أن هذا التموقع يمنحها راحة أكبر في البقاء ضمن الحقل الفني بالإقبال على الكسب من الاشتغالات التنظيمية، أساسا، وعدم إخضاع مشاركاتها الغنائية لحسابات الربح والخسارة بالمعاملات المالية، وتقول بهذا الشأن: ‘’جزء كبير من وقتي أحرص على تخصيصه لمتطلبات العمل في الكواليس، لذلك أعتبر أنني مديرة فنية أكثر من كوني فنانة غنائية’’.

وتقول أيضا: ‘’إذا نظرنا إلى 2023 وحدها، فإنها حافلة بالالتزامات التقنية التي أشرفت عليها، وبصماتي الفنية حاضرة على مواعيد شهدتها كندا، من أبرزها [المهرجان الأندلسي] ، واحتفالية [إيقاعات بلادي]، وأيضا تظاهرة [شغف]… وكلها لقاءات مع الجمهور تستحضر الأداء الفني في قوالب تمزج بين الأصالة والمعاصرة من أجل إرضاء الأذواق المختلفة’’.

الافتخار وضرورة التحدي

تستند ليلى الكوشي إلى حصيلة 20 سنة من العيش تجربة الهجرة التي اختارتها لنفسها كي تعلن أن “الشباب الطامح للنجاح خارج الوطن الأم يحتاج، قبل كل شيء، الحفاظ على هويته الأصلية في البلد المضيف، وبالتالي ضمان مرجعية تعكس التربية السليمة وتبعث على الافتخار”.

وتضيف الناشئة في مدينة الرباط أن المملكة المغربية تبقى مصدر هوية ساطعة لأبنائها أينما حلوا وارتحلوا، وحضارة البلاد مشهود لها بكونها ضاربة في عمق التاريخ لتبعث على انتشاء جميع أبناء الجالية في كل أرجاء العالم، ولا يمكن خدشها بوجود بعض الصور النمطية في نطاقات جغرافية ضيقة.

“المهاجرون الطموحون لا إشكال لديهم عند الحاجة إلى خوض التحديات، فهم يستحضرون الجدية عند التعامل مع أي صعوبات يمكن أن تعترضهم، موقنين بأن التمتع بروح التحدي يبقى ضرورة لدى كل إنسان، سواء بقي في وطنه الأم أو تحول إلى سفير متنقل لبلاده في موطن آخر”، تختم ليلى الكوشي.

The post ليلى الكوشي: أشتغل من كندا على الجمع بين أعمال الكواليس واعتلاء الخشبة appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/JQaU5k2

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire