"هيا إلى مرزوكة" .. السياحة الاستشفائية تساهم في خلق الرواج برمال الصحراء

انطلق مع بداية يوليوز موسم السياحة العلاجية بصحراء مرزوكة بالجنوب الشرقي للمملكة، والتي تعتمد بالأساس على الحمامات الرملية لتوفير “علاجات ناجعة” لمجموعة من الأمراض.

وسجل الفاعلون السياحيون والمهنيون حركية سياحية من شأنها أن تعوض “كساد الصيف”، نظرا للمصداقية الكبيرة التي تحتلها السياحة الاستشفائية في أذهان الكثير من المغاربة؛ ما يجعل المنطقة تشهد تدفقا متزايدا للزوار في إطار السياحة الداخلية.

ازدهار محدود

علي أوباسيدي، مستثمر سياحي بمنطقة مرزوكة، صرح بأنهم تلقوا حجوزات مهمة في هذه الفترة من السنة من لدن المغاربة الوافدين للتداوي في حمامات الرمال بصحراء مرزوكة، مبرزا أنه “رغم ذلك يبقى الإقبال محتشما نسبيا بالمقارنة مع السنوات السابقة، نظرا لتداخل أسباب عديدة؛ من ضمنها ارتفاع أسعار تذاكر الطيران التي حرمت العديد من أفراد الجالية من الدخول لأرض الوطن، مع أن الجالية تشكل عنصرا مهما في الصيف”.

وأفاد أوباسيدي، في تصريحه لجريدة هسبريس، بأن “الرمال ما زالت تغري نظرا للنجاعة التي أبانت عنها في علاج العديد من الأمراض أو التخفيف من حدتها، كداء المفاصل”، مؤكدا “أننا في الفندق أو في المخيم لا نوفر خدمة الدفن؛ ولكننا نقوم فقط بالوساطة مع الشخص الذي سيشرف على الحفر والدفن. وحين الانتهاء، يدثرهم ببطانية حماية لهم من البرد، ويقدم لهم الشاي المختلط بالأعشاب المحلية، لضمان نجاح العملية من الداخل أيضا”.

وأمضى المستثمر السياحي قائلا: “نحنُ ننصحُ زبناءنا برؤية الطبيب قبل التفكير في الدخول تحت الرمال، لكون من يعانون من أمراض مزمنة كأمراض القلب والشرايين أو السكري أو الضغط الدموي ينصح بأن يحذروا في هذا الجانب”، مضيفا: “أنه بما أن مرزوكة الآن بدون طبيب، وهذا مخجل للغاية، فنحن نطلب من الزائر زيارة الطبيب بمدينته أو بالريصاني أو الراشيدية.. وعموما، لا نسجل أية حالات خطيرة ولا نسجل وفيات، لأن العملية آمنة؛ لكن التحذير واجب لتحديد المسؤوليات”.

من جهته، قال لحسن تغلاوي، فاعل سياحي بالمنطقة، إن “السياحة الاستشفائية تعد ركيزة أساسية في مرزوكة؛ لأنها من أهم المواسم بالنسبة للأشخاص الفاعلين في القطاع، خصوصا الذين يكترون الشقق”، موضحا بأن “الإقبال على الشقق يزدهر لكون العديد من المغاربة مرتبطين بثقافة الكراء اليومي للبيوت أكثر من الذهاب لغرفة الفندق. كما أنها أرخص من ناحية التكاليف؛ لهذا يعول مالكو الشقق على هذه الفترة، حيث الإقبال يكون مرتفعا”.

وأضاف تغلاوي، في حديثه لجريدة هسبريس، بأن “مرزوكة باعتبارها العمود الفقري للسياحة بجهة الجنوب الشرقي، فإن زيارات الأجانب خلال باقي فصول السنة تنحصرُ في الفنادق والمخيمات السياحية المنتشرة في المنطقة، نظرا لزخم العرض السياحي وقدرته على إقناع الزائر بأن زيارة هذه الرقعة الجغرافية الساحرة فرصة حقيقية لاستكشاف منطقة صحراوية هشة تنمويا؛ ولكن قوية من حيث البنية التحتية الفندقية ومن حيث الأنشطة الموازية الكثيرة التي تتيحها”.

وذكر المتحدث بأن “الإقبال الذي يتم تسجيله في شهري يوليوز وغشت لأجل الاستشفاء هو بمثابة محرك لعجلة الاقتصاد المحلي؛ لأن العديد من العائلات بالمنطقة تعيش من مداخيل السياحة، باعتبارها المجال الأكثر حيوية”، لافتا إلى أن “الزوار يقتنون التمور والأعشاب الطبيعية، إلخ”؛ وختم منبها إلى “بعض السلوكات التي يقترفها بعض المغاربة في هذه الفترة من حيث رمي النفايات في الرمال أو في الطرق أو في جنبات الفنادق، لكوننا لا نسجل هذه الملاحظات إلا في فترة الصيف”.

تجارب رائعة

زار الشاب المغربي محمد، منذ أيام، مرزوكة لغرض الاستشفاء، ولم يخف أن تجربته كانت “مُثيرة ومذهلة”، حيث قال: “كان فضولا أن أجرب الدفن في الرمال.. ليست المرة الأولى، ولكني راكمتُ قناعة بأن الدفن إذا لم ينفعك فلن يضرك؛ ومن ثم أعدتُ الكرة، لأعيش شعورا رائعا مرة أخرى، بحيث يتسرب العرق، والدم يجري بسرعة قياسية، تحت الرمال الساخنة، فتحس شيئا ما يتدفق كأنه الدوبامين”.

وأضاف محمد، الذي جاء من فاس لقضاء العيد بمدينة الريصاني فمكث حتى انطلق موسم الدفن بالمنطقة، أن الإقبال على العلاج يبدو بالعين المجردة، حيث إن العديد من السياح المغاربة مدفونون تحت رمال تصل درجة حرارتها إلى الـ50″، لافتا إلى أن “الشخص الذي يتكلف بدفنهم يتقاضى ما بين 20 درهما و100 درهم، حسب الخدمة، فهل هو دفن فقط، أو دفن ونقل ومراقبة وعناية، إلخ”.

بالمقابل، قال أمين، إن الذي “زار مرزوكة والنواحي في هذه الفترة لا بد أن يغرم بساكنتها، وبطيبتهم وبساطتهم، وخدمتهم التي يتقاطع فيها السياحي بالإنساني والاقتصادي بالاجتماعي”، مفيدا بأن “عنصر الصدق متوفر لدى الغالبية منهم، على الرغم من غلاء أسعار بعض الخدمات؛ وبالتالي هم يدفعونك ببراءتهم الفائقة إلى الاقتناع بأن الرمال الذهبية تتضمن مهمة استشفائية قوية غير معلنة، إلا وأنت في أحشائها”.

وأفاد أمين، القادم من مدينة الجديدة، بأن “الآثار العلاجية لهذه الرمال ليست معروفة تلقائيا، ولا يمكن تحديدها إلا طبيا؛ لأنني لم أذهب للطبيب بعد عملية الدفن”، لافتا إلى أن “التجارب الشفوية المتداولة تشكل تحفيزا، لكون العديد ممن عانوا من تشنجات في المفاصل وجدوا أن “التعرق” تحت الرمال فك آلامها”، خاتما بأن “هذه السياحة العلاجية تشكل فرصة لا غنى عنها من جانبين: المريض، أو حتى الكائن الفضولي، الباحث عن التعافي، والصحراوي الذي يخلق من الرمال مهنة موسمية مدرة للدخل”.

The post "هيا إلى مرزوكة" .. السياحة الاستشفائية تساهم في خلق الرواج برمال الصحراء appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/GfJyvmc

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire