"روبوت الذكاء الاصطناعي" يختبر مناهج اجتياز الامتحانات ويثير مخاوف شركات عالمية

بمجرد ظهوره العام الماضي، لم يتوقف “روبوت” الذكاء الاصطناعي، المعروف اختصارا بـ”شات جي بي تي ChatGPT””، عن إثارة الجدل بين المهتمين والباحثين والخبراء في مجال المعلوميات؛ بل تعدّاه إلى نقاش عمومي للرأي العام في عدد من دول العالم التي سارعت إلى منعه أو الحد –على الأقل– من الاستعانة بخدماته؛ لاسيما في المجال التعليمي الأكاديمي.

وزادت الشكوك والمخاوف من استخدام “الوافد المعلوماتي الجديد” في تسهيل عمليات الغش في امتحانات التلاميذ والطلبة، بعدما شاع استخدامه على نطاق واسع في مجال التعليم منذ نونبر الماضي.

الروبوت”ChatGPT” ، الذي تطوّره شركة “OpenAI” الأمريكية، يعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي وبإمكانه إنتاج نصوص طويلة بناء على كلمة أو سؤال بسيط يدخله المستخدم في خانة البحث على منصة الروبوت التي تعتمد “تحليل كميات هائلة من النصوص الموجودة على الإنترنيت لكتابة النص خلال ثوان معدودة”.

كما أثار الانتشار السريع لاستعمال روبوت “الذكاء الاصطناعي” ذاته مخاوف جدية من استعماله في تسهيل عمليات الغش أثناء الامتحانات وسط قرارات بحظره في مؤسسات جامعية وتعليمية عديدة عبر دول العالم؛ لن يكون المغرب بمنأى عنها.

وبات معهد الدراسات السياسية في باريس “Sciences Po”أول مؤسسة للتعليم العالي تحظره على طلبتها تحت طائلة عقوبات قد تصل إلى فصلهم، في حال ثبوت استخدامه.

ووفق ما نقلته “فرانس برس”، عبر رسالة موجهة إلى جميع الطلاب والمعلمين، أكدت إدارة المعهد سالف الذكر أن “استخدام (ChatGPT) أو أي أداة أخرى تقوم على الذكاء الاصطناعي في سيانس بو، من دون الإشارة إلى ذلك صراحة، ممنوع منعا باتا على الطلبة أثناء إنتاج أعمال كتابية أو شفوية”.

صعوبة التمييز

رشيد گراوي، الأستاذ المغربي المتخصص في المعلوميات بـ”مدرسة لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية” في سويسرا ومدير “مختبر الحوسبة” في المؤسسة الجامعية ذاتها، اعتبر أن “شات جي بي تي” لا يثير فقط مخاوف المؤسسات التعليمية بمختلف أسلاكها؛ بل أصبح محط خوف كبريات شركات التكنولوجيا العالمية، أبرزها محرك البحث ‘غوغل’ باعتبار صعوده منافسا للذكاء البشري”.

وأضاف كراوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، شارحاً: “وجب التوضيح أن الأمر يتعلق بخوارزميات معلوماتية للذكاء الاصطناعي يكتبُها مهندسون، إلا أنها أصبحت تفاجئنا في الآونة الأخيرة”، مؤكدا أن “وصولها إلى مستوى ينافس القدرة البشرية على تحليل أو تركيب نصوص مكتملة ليس سوى مسألة وقت؛ خلال عامين أو ثلاثة أعوام”.

وسجل الخبير المغربي في علوم المعلوميات والحوسبة، المقيم في سويسرا، ضمن تصريحه، ما قال إنها “صعوبة في التمييز بين نصوص أنتجتها الآلة وأخرى من إنتاج عقل بشري”، مورداً مثال ارتكاب التلاميذ لأخطاء الإعراب والشكل في حين تظل الآلة عاجزة عن الخطأ في هذا الصدد.

وأردف موضحا: “خطأ روبوت الذكاء الاصطناعي يكون في الغالب من حيث الموضوع أو ترتيب أفكار معينة، وهو بدوره يخطئ بطرق –أحيانا- غريبة لا يرتكبها البشر”. وزاد: “بصفة عامة، نقاش الذكاء الاصطناعي والتعليم يتطلب التساؤل عن منهجية التدريس المعتمدة؛ فإذا كنا نعتمد منهج التفكير النقدي والفلسفي بدلا من التلقين، فهذا يعني تطوير اختبارات وامتحانات شفوية بالأساس لتجنب اللبس الحاصل بشأن مصدر تحرير النصوص أو كتابتها”.

ودعا كراوي إلى الانتصار لـ”منهجية الاختبار الشفوي في الظرف الراهن، بالنظر إلى أنه لا يمكن إيقاف أدوات الذكاء الاصطناعي الخاضعة لتطوير جار قد يفاجئنا مستواه في أفق زمني متسارع”، معدداً أنظمة تعليمية متقدمة في دول أوروبية مثل سويسرا واسكندنافيا التي ما زالت تمنع أي وسيلة إلكترونية أثناء اجتياز الامتحانات، “وتتم الاختبارات بالورقة والقلم فقط”.

حتمية التطور

في معرض حديثه مع هسبريس، شدد رشيد كراوي على أن “حتمية تطور وسائل الذكاء الاصطناعي بشكل يساوي قدرات البشر أمر لا مفر منه”، مستدركا بالقول: “لكن لن يصل إلى درجة التعويل عليه، فاحتمالات الخطأ تظل واردة”.

وخلص الأستاذ المغربي في علوم الحوسبة بسويسرا إلى تعداد أمثلة لمهن معينة يصعب فيها الاعتماد على “ذكاء الآلة” ومزاياها التسهيلية؛ من قبيل الطب أو المحاماة التي تعتمد في جزء كبير منها على “تحمل المسؤولية البشرية قانونيا”، مما لا يمكن معه إلقاء اللوم على نتائج الذكاء الاصطناعي.

The post "روبوت الذكاء الاصطناعي" يختبر مناهج اجتياز الامتحانات ويثير مخاوف شركات عالمية appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/StBHjGl

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire