حصيلة التاريخ بالمغرب.. ندوة تقف عند "المنجز" وتهتم بـ"الخلَف البحثي"

وقفة أكاديمية عند تجربة الكتابة التاريخية في المغرب، جمعت طيلة ثلاثة أيام مؤرخين وباحثين مغاربة بجامعة نيو- إنغلند بطنجة، في “ندوة أسطور”، المنظمة بشراكة مع مجلة “رباط الكتب”، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان.

وتوالت في هذه الندوةِ المداخلاتُ المهتمة بالتاريخ القديم بين النص والآثار، وبالمنهج التاريخي عند المختار السوسي، وتراكمات الدراسات الإفريقية في المغرب، والتاريخ بين التكوين والبحث، والتجربة المغربية في التاريخين الاقتصادي والاجتماعي، ومواضيع مثل المعمار والدين، وحصيلة البحث في تاريخ المغرب المعاصر والراهن، وما يربط الذاكرة بالتاريخ.

المؤرخ عبد الرحيم بنحادة قال، في تصريح لهسبريس، إن هناك “داعيا كبيرا” لتنظيم ندوة تهتم بحصيلة البحث التاريخي بالبلاد؛ لأن “من بين أبواب مجلة “أسطور” ندوة أسطور، التي بدأناها كندوات تفاعلية، حيث جربنا أن نثير موضوعا، ونترك الناس يتكلمون، لأن للناس العديد من الأفكار التي لا يتفرغون لكتابتها (…) وكثيرا ما ننتقد عدم معرفة الغرب جيدا على مستوى البحث التاريخي، فتساءلت: هل نعرف بعضنا في العالم العربي على مستوى البحث التاريخي؟ فقررنا تنظيم سلسلة من الندوات عن “الكتابة التاريخية في”، بدأناها بالعراق، ثم مصر، وحططنا الآن الرحال في المغرب”.

وأضاف أن “المحطات المقبلة هي الكتابة التاريخية في الخليج، والكتابة التاريخية في فلسطين، والكتابة التاريخية في تونس، والغرض هو أن نعرف بعضنا”.

وجوابا عن سؤال: هل المغرب بحاجة إلى حصيلة جديدة للبحث التاريخي؟ ذكر المؤرخ أن “هناك عدة حصائل، الأولى في سنة 1986، وقد نظمت بمناسبة 30 عاما عن استقلال المغرب، كما نظمت الجمعية المغربية للبحث التاريخي في 2007 حصيلة أخرى بعد خمسين سنة عن استقلال المغرب، وكانت حصيلة أخرى لمؤسسة عبد العزيز آل سعود واهتمت بالأساس بما هو بيومتري في العلوم الاجتماعية والإنسانية، والتاريخ جزء منها”،

كما كانت حصائل أخرى نشرت في كتب أو قدمت في مؤتمرات.

وتابع قائلا: “بعد 15 سنة عن ندوة الجمعية المغربية للبحث التاريخي، كانت هذه وقفة عند حصيلة البحث التاريخي، لأننا بصفة عامة بحاجة دائما إلى وقفات لتأمل كيف نكتب التاريخ، وما القضايا التي تشغلنا، وإلى أين وصلنا. ولو أننا لا نستطيع أن نغطي كل المجالات التي يشتغل بها المؤرخ أو الباحث في التاريخ في ندوة واحدة، إلا أنه يمكن أن نقف غدا وقفة أخرى، فنحن بحاجة دائما إلى التأمل فيما نعمل”.

واسترسل بنحادة شارحا “طرقنا التاريخ والأركيولوجيا، والتاريخ الاقتصادي، والذاكرة والتاريخ، والرحلة كأداة لكتابة التاريخ، والدراسات الإفريقية، وأثر التكوينات في الجامعات المغربية على البحث التاريخي من خلال تجربة الدراسات العثمانية، التي أخرجت البحث التاريخي المغربي من قوقعته، حيث كان المغرب المبتدأ والنهاية، وتجربة تاريخ الفترة الوسيطية مع إبراهيم القادري بودشيش، وتجارب أخرى مثل وحدة التكوين والبحث التي كان يشرف عليها عبد المجيد القدوري، والتي كونت عددا من الباحثين في المجال الأوروبي وعلاقته بالمغرب، فعدد كبير من التكاوين تتطلب التوقف عندها”.

وزاد المتحدث “عندما نظمنا هذه الندوة لم نفكر فقط في منتجي المعرفة التاريخية، بل فيمن سينتجونها وهم طلبة الدكتوراه، فاستدعينا عشرين طالبا تكفلنا بهم، وحضر أكثر من أربعين طالب دكتوراه آخرين من مختلف الجامعات المغربية”، وهكذا جمعت الأيام الثلاثة “أجيال المؤرخين، الثاني والثالث والرابع، والطلبة”.

وشدد بنحادة على أهمية مقصد “تكوين الخلف”، قائلا: “هذا التكوين لا يمكن أن يتم فقط في الفصول الدراسية، بل ينبغي أن يتم في الندوات العلمية، فهذه الندوات تترجم الفكرة التي نرددها دائما وهي التكوين بالبحث والتكوين عبر البحث، وهذا هو الأساس؛ فكانت الندوة دورة تكوينية بالبحث وعبر البحث، وأثيرت فيها قضايا… وكنا حريصين على إعطاء الكلمة أولا للطلاب”.

ورأى المؤرخ في هذا العمل “تعضيدا لما تقوم به أكاديمية المملكة المغربية من عناية بالطلبة اهتماما بالخلَف”، فـ”نحن كجماعة علمية، جماعة المؤرخين، نسعى إلى تكوين الخلف” أيضا.

وحول منهج هذه “الحصيلة التاريخية” المرتقب نشر أعمالها في “أسطور”، سجل المتحدث أن الموعد “كان بحاجة إلى شهود، أحضرناهم من مجالات من غير التاريخ لكن لهم صلة به”، فترأس الجلسات متخصصون في العلوم السياسية، وعلم الاجتماع، والنقد الأدبي، والجغرافيا، والاقتصاد؛ لـ”حاجتنا إلى إنارات وإضاءات من متخصصين من غير التاريخ”.

وتابع قائلا: “اشتغلنا بطريقة معقدة وبسيطة، فقد أعطينا كل رئيسِ جلسة الأوراق التي كانت جاهزة عندنا، وقرؤوها، وجاؤوا ليسيروا الجلسة، ولم يكتفوا بإعطاء الكلمة، بل ناقشوا بخلفية أخرى توسع النقاش. وعلى المستوى التنظيمي كانت عندنا الأوراق كلها، وأعطيناها منذ ستة أشهر لأربعة أساتذة، وقلنا لهم إن دورهم هو التقييم، فالحصيلة تقييم، وهذا تقييم التقييم، وهؤلاء هم عبد الأحد السبتي، وحسن حافظي علوي، والطيب بياض، ومحمد الناصري”، وفي النهاية، في “بدعة تنظيمية”، من الإبداع لا الابتداع، نظمت “جلسة تقييمية”.

وأكد بنحادة، في ختام تصريحه لهسبريس، على أهمية “إعطاء الندوة وقتا للناس لا لتحضير الأوراق فقط، بل للتحدث بكل أريحية، مع إعطاء مكانة كبيرة للنقاش، فنحن بحاجة إلى نقاشٍ، ونحن بحاجة إلى وقفات”.

The post حصيلة التاريخ بالمغرب.. ندوة تقف عند "المنجز" وتهتم بـ"الخلَف البحثي" appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/RWeEJkm

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire