صناعة بنادق الفروسية التقليدية تقاوم الانقراض وسط عزوف الشباب بالمغرب

ترتبط الفروسية التقليدية “التبوريدة” ارتباطا وثيقا بالصناعة التقليدية، سواء فيما يتعلق بأزياء الفرسان أو الإكسسوارات التي تُزين بها الخيول.

وفيما لا يزال فن “التبوريدة” قائما، إذ يحضر في عدد من المواسم والمعارض المنظمة على طول السنة، فإن عددا من الحرف التقليدية المرتبطة بها تسير نحو الانقراض، في ظل عزوف الشباب عن التعاطي لها، نظرا لصعوبتها؛ وبالتالي انقراض الخلَف.

لا يتردد علي الحدادي، وهو صانع تقليدي من مدينة فاس متخصص في صناعة بنادق التبوريدة أو “المكاحْل”، في القول بأن الصناعة التي يزاولها منذ خمسة وخمسين عاما تسير نحو الانقراض؛ “لأن الجيل الحالي من الشباب لا يتحمّل ما تتطلبه هذه الصناعة من جهد وتعَب”.

ورث الحدادي صناعة بنادق الفروسية التقليدية عن أجداده، ويؤكد أنه راكم خبرة كبيرة في مجال اشتغاله، قائلا: “كان والدي يدرّسني تاريخ “المْكحلة”، وقيمتها، وكيف بدأ استعمالها، فتعلقت بهذه الحرفة وزاولْتها منذ كان عمري ثلاثة عشر عاما”.

ويزاول الصانع التقليدي المتحدر من فاس حرفة صناعة “المكحلة” بنفس الحماس الذي كان يزاولها به منذ صغَره؛ غير أنه يتأسف لغياب خلَف يحمل المشعل مستقبلا، “فهذه الحرفة، كغيرها من عدد من الصناعات التقليدية، تتطلب من مزاولها أن يدخل إلى بيت النار، وهذا ما لا يتحمله الجيل الحالي ويتأفف منه”.

وبالرغم من وجود أفران حديثة تشتغل بالتيار الكهربائي أو الغاز تسهّل، إلى حد ما، مأمورية الحرفيين، فإن الشباب الذين بدؤوا في مزاولة حرفة صناعة بنادق التبوريدة “كيهربو من هاد الحرفة، واخا نعياو نهضرو معاهم”، يقول الحدادي، الذي حصل على عدد من الشواهد الوطنية، معبرا عن حسرته من اندثار الحرفة التي يزاولها من أكثر من نصف قرن من الزمن.

وتتطلب صناعة بندقية للتبوريدة حوالي أسبوعين من العمل المتواصل، وتتكون من عدد من القطع؛ منها “الجّْعبة” التي يتم استيرادها من الخارج، والزناد الذي هو محرّك البندقية ويُصنع من حديد من النوع الممتاز قادر على المقاومة لعشر أو خمسة عشر عاما، يتم تركيبه وسط خشب البندقية، وهو إما من خشب الجوز الذي يتم استقدامه من منطقة الريف شمال المملكة أو خشب الشوك المستورد من الخارج.

وبعدا استكمال مختلف مراحل تركيب البندقية، يتم برْدها بشكل أولي، ثم تدخل إلى المبرد الرطب لترطيب الخشب، قبل تزيينه بالنقوش.

ويحرص علي الحديدي على نقش البنادق التي يصنعها باستعمال مَعدن ذي جودة عالية لا يتأثر بالعوامل المناخية، حيث لا يتغير لونه ولا يصدأ حتى في الأماكن القريبة من البحر التي ترتفع فيها نسبة الرطوبة.

ويؤكّد: “أنا كنخدم بالعقل ومعنديش مع داكشي ديال الزربة”، مشيرا إلى أن سعر “المكحلة” يختلف حسب نوعية الإكسسوارات المزينة بها، إذ يطلب بعض الزبناء تزيينها بالفضة؛ وعموما، فإن سعرها يتراوح ما بين ثلاثة آلاف درهم وعشرين ألف درهم.

وموازاة مع السعادة التي يستشعرها الحدادي وهو منغمس في صناعة “المكاحل”، فإنه يتأسف لغياب الخلف، قائلا: “هاد الصناعة زينة؛ ولكنها غتمشي. في مكناس كان واحد الحي كولّو فيه الحرايفية اللي كيصنعو المكاحل، وفي فاس كان أكثر من 15 واحد من أصحاب المكاحل مْستّفين فالحدّادين، مشاو كاملين، واللي مات مكيتخلفش”.

The post صناعة بنادق الفروسية التقليدية تقاوم الانقراض وسط عزوف الشباب بالمغرب appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/BVRK517

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire