الندرة تُوجه اهتمامات جمعويين إلى مشاريع التزود بالماء في القرى

في ظل ندرة المياه الذي تسمُ العديد من قرى المغرب، بات همّ بعض النشطاء الجمعويين يقتصر على دعم مختلف المبادرات الاجتماعية والبرامج التنموية التي تهتم بالأساس بحفر آبار في القرى الجبلية التي تكابد ساكنتها الأسى في الحصول على جرعة ماء للشرب.

وكبُر الاهتمام بهذا الموضوع لدى الجمعيات، سواء منها المحلية أو المتحدرة من مدن المملكة، جراء الحاجة الملحة إلى هذه المادة الحيوية بالقرى الجبلية، خصوصا في السنوات الأخيرة التي اتسمت بالجفاف، حيث يبقى حافز الطرفين، بغض النظر عن الموقع، هو إعادة البسمة للأهالي بالقرى النائية لحظة انفجار الماء من الثقب.

إسماعيل الزاكي، رئيس جمعية أمان الخيرية، الكائن مقرها بمكناس، صرح لهسبريس بأن مبادرات إنجاز مشاريع مائية بالعالم القروي، ومن ضمنها مشروع دوار أيت البور بجماعة آيت بلال بأزيلال، هي حصيلة تجربة مشتركة بين ثلة من المهندسين المنتمين للجمعية، استطاعت على الرغم من صغر عمرها (سنة ونصف تقريبا) أن تنجز عددا من المشاريع المائية ناهز 15 بئرا مُوزعة على جماعات آيت تمليل وتفني وآيت بلال وزاوية أحنصال، وعلى منطقة الحوز وتارودانت.

وأضاف اسماعيل أن من ضمن الاهتمامات الأساسية لجمعية أمان الخيرية “حفر الآبار بالمناطق التي تعرف شحّا في مياه الشرب، ومواكبة هذه المبادرات حتى نهايتها، عبر مراحل متعددة، بدءا من الاتفاق على القرية أو الدوار المستهدف ومكان الحفر بالتنسيق مع السلطات المحلية، ثم عملية حفر البئر وبناء الخزان، وانتهاء بتجهيز البئر بالمضخة ولوحات الطاقة الشمسية وكل اللوازم الضرورية المتبقية”.

وتبعا للمصدر ذاته، يعتبر اختيار مكان البئر في أي قرية مستهدفة من المراحل الصعبة، لذلك غالبا ما تتم خلالها الاستعانة بمكاتب للدراسات أو الاعتماد على الطرق التقليدية التي ينهجها الأهالي، بتنسيق مع باقي الجهات المعنية، مشيرا إلى أنه غالبا ما يتم اختيار المكان الأقرب لغالبية الأسر المراد تزويدها بالماء.

وأبرز إسماعيل الزاكي، وهو للإشارة أستاذ جامعي بالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن بمكناس، أن مشروع حفر وتجهيز بئر بدوار أيت البور بجماعة آيت بلال يستهدف أكثر من 60 عائلة، جُلها كانت تقطع مسافة تقترب من ثلاثة كيلومترات كل يوم لجلب مياه الشرب من منبع مائي بالمنطقة، في ظروف صعبة جراء وعورة تضاريس المنطقة.

بدوره، قال عمر مجان، رئيس جمعية سمنيد للتنمية الاجتماعية، التي صنعت لها اسما في مجال حفر الآبار في جماعة واولي بأزيلال بتنسيق مع منظمات غير حكومية، إن هذا النوع من الأعمال “يتطلب من الفاعل الجمعوي اليوم رفع التحدي والقيام بأدواره الحقيقية عبر تفعيل مبادرات العمل التطوعي، خاصة في العالم القروي، حيث تشكو الكثير من الدواوير الجبلية من هذه المعضلة”.

وأكد أنه بفضل تضافر جهود الفعاليات المدنية من مختلف ربوع الوطن، تقلصت معاناة جلب الماء لدى ساكنة العشرات من الدواوير، خاصة المتواجدة في المناطق النائية، لافتا إلى أن ثقافة حفر الآبار وتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب أصبحت من ضمن التوجهات الجديدة للعديد من الجمعيات نظرا للوقع الإيجابي المباشر على الساكنة المستهدفة، سواء من المنظور التنموي، أو من المنظور الديني، كونها تعتبر صدقة جارية بالنسبة للمحسنين الذين يساهمون في تمويل المبادرة.

وضمن إفادته، قال الفاعل المدني ذاته: “بخصوص تجربتي في هذا الإطار، تمكنت ولله الحمد من حفر عشرات الآبار بفضل شركائنا بالعديد من الدواوير الجبلية بأزيلال، وكنت أعيش لحظات عصيبة مع الساكنة يتداخل فيها الحزن مع الفرح، لكون عملية حفر الآبار تعتمد بالأساس على الوصول إلى الماء، والسكان أنفسهم لا يقيّمون التجربة إلا لحظة خروج الماء من باطن الأرض”.

وتابع بأن تكلفة حفر ثقب مائي تتراوح ما بين 200 و400 درهم للمتر الواحد، داعيا في هذا الشأن وزير الداخلية إلى حث الجماعات الترابية على عقد شراكات مع المنظمات المدنية المتخصصة في تزويد الدواوير الجبلية بالماء الصالح للشرب لخفض التكلفة، عوض اللجوء الى الطرق الاعتيادية التي تتطلب صفقات مالية غالبا ما تكلف ميزانية الدولة والجماعات المحلية أضعافا مضاعفة.

ومن ضمن الإجراءات التي وضعتها الحكومة للحد من تداعيات قلة التساقطات المطرية، تفعيل لجان اليقظة في مختلف العمالات والأقاليم التي تعاني خصاصا في هذه المادة الأساسية، مع تزويد المراكز والدوائر التي تعاني من شح الموارد المائية والبعيدة عن المنظومات المائية المهيكلة عن طريق شاحنات صهريجية.

ينضاف إلى ذلك، تخصيص دعم مادي لإنجاز مشاريع للتزويد بالماء الصالح للشرب، في إطار البرنامج الوطني للتقليص من الفوارق الترابية والاجتماعية، مع تسريع أشغال تزويد المراكز القروية والدواوير انطلاقا من منظومات مائية مستدامة في إطار المخطط الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب والسقي 2020-2027، الذي تصل كلفته الإجمالية إلى 115 مليار درهم (حوالي 12 مليار دولار)، والذي يهدف إلى ضمان الأمن المائي على المدى القصير والمتوسط، من خلال تسريع وتيرة الاستثمارات في قطاع الماء وإيجاد حلول مهيكلة لتطوير هذا القطاع.

The post الندرة تُوجه اهتمامات جمعويين إلى مشاريع التزود بالماء في القرى appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/X8alA4Q

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire