كلية آسفي تحلل حرب الروس وأوكرانيا

أجمع الأساتذة الجامعيون المشاركون في ندوة علمية بعنوان “الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على النظام الدولي”، السبت، على أن هذه الحرب كشفت هفوات في التنظيم الدولي، لأن الأمم المتحدة لم تكن مستعدة لهذه الأزمة التي تواجه فيها روسيا المنتظم الدولي بحق “الفيتو” داخل مجلس الأمن، وستساهم في خلخلة النظام الدولي وتعلم الدول أن عملية الولوج الى الغذاء تستدعي قدرة الشعوب على إنتاج غذائها.

وفي تدخله خلال هذه الندوة التي نظمت من طرف الكلية متعددة التخصصات بآسفي بشراكة وتعاون مع مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، تناول ادريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش، “الحرب في أوكرانيا ومستقبل النظام الدولي”، موردا أن المرحلة الأولى التي سبقت التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، “تميزت بعدم التنبؤ، حيث لا أحد كان يتوقع بشكل يقيني هذا الهجوم المسلح”، معتبرا أن هذه الحرب “تخفي صراع القوى الدولية”.

وأشار لكريني، الذي يشغل أيضا منصب مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، إلى الانعكاسات المحتملة المرتبطة بطبيعة ونوع الأطراف المتدخلة، لأن “روسيا تبرر تدخلها غير المشروع برفضها الاقتراب من محيطها الجيو-استراتيجي، لأن هذا الاقتراب المدعوم من الحلف الأطلسي يشكل مخاطر عدة على أمنها القومي وله تأثير في ميزان النزاع الدولي، ما جعلها لا تتقيد بمبدئي عدم التدخل في سيادة الدول وعدم استخدام القوة، وهو السبب وراء تدخلها في جزيرة القرم لدفع المعسكر الغربي للإحجام عن التوسع واستقطاب مزيد من الدول لإضعافها”.

وقال المتدخل إن تأثيرات هذه الحرب ستكون غير محدودة، “نظرا للتداعيات والأزمات العابرة للحدود التي نجمت عن النزاع، ولتكلفتها، من قبيل عدد اللاجئين المهول الذي سيؤثر فعليا على وضع الأوروبيين، والتفاوت الحاصل في بعض المواقف التي تتخذها الدول الأوروبية، لعدم استعداد أوروبا لدفع فاتورة كلفة الحرب”.

وأضاف لكريني أن “روسيا تتحرك من منطلق قوة، لأنها واعية بأوراق ضغطها على المستوى العسكري، ما سيمكنها من استعادة دورها العالمي عبر تشكيل نظام جديد إلى جانب الصين، وهذا ستكون له تأثيرات عابرة للحدود من قبيل مشكل الإرهاب، وأخرى غذائية، ما سيدفع بعض الدول إلى التسابق من أجل إعادة التسلح”.

وتطرق العربي بلا، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بمراكش، للحيثيات والدروس الأولية المستفادة من التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، مستنتجا أن “التوتر في العلاقات الروسية الأوكرانية عرف تأزما انطلاقا من صعود الرئيس الأوكراني الجديد إلى السلطة خلال سنة 2019 المعروف بموالاته للغرب”.

وتساءل بلا عن أحقية الدول العظمى في امتلاك القوة مقابل مصادرة هذا الحق من الدول الأخرى ومنعها من امتلاك السلاح النووي من أجل مواجهة استضعافها، وعن إمكانية الحل انطلاقا من الدعوة إلى حل حلف “الناتو”، لأن وجوده وطريقة استقطابه للأعضاء سيمددان الحروب.

وسلطت مداخلة مولاي ادريس الإدريسي، أستاذ العلاقات الدولية بالكلية متعددة التخصصات بآسفي، الضوء على السلم والأمن الدوليين من حيث وضع وطبيعة النظام الدولي المرتبط بمسألة توزيع علاقات القوة بين الدول، وتساءل عن هوية هذا النظام، “هل يتعلق الأمر بمفهوم للعالمية أم إنه مجرد نظام أوروبي يهدف إلى حماية الأنظمة الليبيرالية وإعادة ترسيم النظام الدولي؟

وأشار الإدريسي إلى أن “النظام الدولي العالمي مغيب، لأن نظام السلم والأمن الدوليين يهم فقط سلم وأمن أوروبا، أما دول الجنوب فهي مغيبة، ومن يتحكم في قلب أوروبا وروسيا يتحكم في العالم، وهذا ما تخشاه الولايات المتحدة الأمريكية”.

وركزت مداخلة عزيز الراضي، أستاذ بكلية الحقوق بمراكش، على عقل الدولة الروسية، المفكر والفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين، الذي يؤمن بتأسيس دولة قوية للعرق السلافي، لأن طبيعة الصراع أنه دائم واستمرار للعداء الذي يحمله الإنسان لأخيه الانسان، لذا فعقيدته مصرة على تحقيق الإمبراطورية انطلاقا من السيطرة على مجالين، الأول يتعلق بالأرض الصلبة، والثاني يرمي إلى الأرض البحرية.

وقال الراضي إن “روسيا تستمد قوتها من الحضارة القارية، بناء على رسوخ مبدأ اليابسة وحكم البحر، لأن روسيا تقع في قلب جزيرة العالم، وهذا ما جعلها تندفع الى التدخل في أوكرانيا”.

وقارب سعيد خمري، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالمحمدية، موضوع “الحرب الروسية الأوكرانية والتموقع الديبلوماسي الجديد للمغرب”، مشيرا إلى أن موقف المغرب هو “محصلة سياسة خارجية جديدة منذ تولي الملك محمد السادس العرش سنة 1999، لأن المغرب يدعم الوحدة الترابية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومن منطق تنويع الشراكات، والدعوة إلى العودة إلى الاتحاد الإفريقي”.

واعتبر خمري أن “الدور الديبلوماسي المغربي كان حاسما، بترك مسافة من الدول المتنازعة حول الأزمة الروسية الأوكرانية، حفاظا على مبدأ الحياد في السياسات الخارجية المرتبطة بالنزاعات الدولية”.

أما مداخلة لحسن حسناوي، أستاذ بكلية قلعة السراغنة، فقاربت “تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على القارة الإفريقية”، مشيرا إلى أن “هذه الحرب أبانت عن عدم التنسيق المشترك داخل البلدان الإفريقية، وستكون لها انعكاسات على هذه الدول التي تميزت بالتردد منذ البداية وتباينت مواقفها، مثل غينيا وغانا وجنوب إفريقيا، والتي أدانت روسيا، مرجعا التصويت إلى أسباب ترتبط بطبيعة العلاقة الروسية لهذه الدول، أو رغبة في الحفاظ على البقاء في السلطة، أو الدعم والتزويد بالأسلحة”.

واستخلص حسناوي أن “الدافع إلى التصويت الإفريقي ينطلق من الروابط الاقتصادية مع الجانب الروسي والأمريكي، لأن الدول الإفريقية مفعول بها وليست فاعلة داخل المنتظم الدولي”.

من جهته، تساءل مولاي عبد الصمد عفيفي، أستاذ العلاقات الدولية بالكلية متعددة التخصصات بآسفي، عن علاقة الأمن الغذائي بالحروب، مؤكدا أهمية الوقوف عند مفهوم الأمن الغذائي متعدد المعايير الذي يطرح حتى في غياب أزمة روسيا وأوكرانيا.

وأوضح عفيفي أن “عملية الولوج إلى الغذاء تستدعي قدرة الشعوب على إنتاج غذائها، لأن استيراده في ظل الحروب صعب، لذا يجب توفير الإنتاج المحلي والمخزون الاستراتيجي، لأن ارتفاع الأسعار يدفعها إلى اقتناء الحبوب من الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى ارتفاع ثمن الغاز في السوق الدولية، ما سيشكل عبئا إضافيا يؤثر سلبا على الأمن الغذائي”.

The post كلية آسفي تحلل حرب الروس وأوكرانيا appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/Za1jYer

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire