البطالة تخنق الشباب في درعة تافيلالت.. وفرص العمل تلامس الصفر

مازالت جهة درعة تافيلالت بأقاليمها الخمسة (ميدلت، الرشيدية، تنغير، ورزازات، زاكورة) تفتقد إلى مجموعة من الشروط التي تساعد على تحقيق حياة كريمة للساكنة، بسبب ما تسميه الفعاليات الجمعوية النشيطة بالجهة ذاتها “الحرمان والتهميش” المفروض عليها من قبل الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام الوطني.

وكشف عدد من شباب المنطقة، في تصريحات متطابقة لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه الجهة تقبع في ذيل الجهات الأكثر فقرا بالمملكة، رغم كونها تحتضن مشاريع كبرى، تهم المعادن والطاقة الشمسية والسياحة والسينما والفلاحة.

عبد الكريم السالمي، فاعل جمعوي ناشط بمدينة الرشيدية، قال إن “الجهة بصفة عامة ومدينة الرشيدية على وجه الخصوص مازالتا تتخبطان في عزلة قاتلة وتعانيان من مخلفات التهميش، التي فرضتها السياسة الممنهجة من قبل الجهات المنتخبة المتعاقبة على تسيير الشأن العام؛ وكذا عدم اهتمام القطاعات الحكومية بهذه الجهة، ما حرمها من عدة مشاريع تنموية، يمكن أن تنتشل الشباب من البطالة”.

شباب بدون عمل

تفاقمت معاناة جل شباب أقاليم جهة درعة تافيلالت مع الواقع المرير، نتيجة الفقر المتفشي في أوساطهم الناجم عن البطالة الخانقة، وانعدام مشاريع تنموية واقتصادية توفر لهم فرص العمل، لانتشالهم من الضياع ومختلف الآفات الاجتماعية التي تتربص بهم بسبب الفراغ القاتل الذي يتخبطون فيه.

شباب من مختلف الفئات العمرية، منهم حاملو الشواهد، ومنهم من غادر فصول الدراسة بسبب الفقر، جمعت بينهم خيبة الأمل واليأس، بسبب وضعهم الاجتماعي الذي يصفونه بالمزري، نظرا للبطالة التي أضحت تنخرهم يوما بعد يوم، مع غياب فرص الشغل بالجهة.

حسن جليل، من شباب إقليم زاكورة، قال إن “الآلاف من الشباب في الإقليم والجهة عموما فقدوا الأمل في المستقبل بسبب ما عاشوه ويعيشونه من فقر وتهميش”، مضيفا أن “جميع الشباب وغيرهم في هذه الجهة الغنية بثرواتها متساوون، سواء كنت من حاملي الشهادة أو لا، وما يجمع بينهم هو الفقر وخيبة أمل”، وفق تعبيره.

وأوضح المتحدث ذاته أن “جهة درعة تافيلالت التي تم إحداثها بموجب التقسيم الجهوي الأخير هي نموذج للجهة التي تتهرب الدولة المغربية من خدمتها قصد تنميتها، لتكون مصدرا وموردا اقتصاديا يساهم في توفير فرص الشغل والمساهمة في الرفع من الاقتصاد الوطني”، لافتا إلى أن “الموارد المالية لهذه الجهة يتم بها خلق التنمية في جهات أخرى”، على حد قوله.

وكشف مصدر مسؤول بجهة درعة تافيلالت أن عدد الشباب العاطلين عن العمل في تزايد مستمر، موضحا أن الأرقام في هذا الإطار أصبحت مقلقة، خاصة مع غياب فرص الشغل وفقدانه من قبل الكثير من الشباب بسبب جائحة فيروس كورونا.

وأوضح المسؤول ذاته أن الجهات المنتخبة تلعب دورا أساسيا في غياب فرص الشغل وتزايد عدد العاطلين، موضحا أن “الإدارات الترابية بالجهة تقوم بمجهودات كبيرة من خلال إعداد دراسات مشاريع وتقديم مقترحات وأفكار مشاريع للقطاعات الحكومية، مقابل التزام المنتخبين الصمت الرهيب”، وفق تعبيره.

الهجرة السرية

في وقت يرتفع عدد العاطلين عن العمل، خصوصا في أوساط الشباب وحاملي الشهادات، أصبحت فكرة الهجرة نحو أوروبا، سواء بطرق قانونية أو عن طريق الهجرة السرية، حلما لأكثر من 85 في المائة من الشباب، حسب ما أكده لحسن الوالي، فاعل حقوقي بإقليم ورزازات، أكد أن “أغلب الشباب في هذه الجهة فقدوا الثقة في القائمين على تسيير الشأن العام ووعودهم، بسبب ما يعيشونه من فقر و’حكرة'”، وفق تعبيره.

وأضاف الحقوقي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “الوضعية الاقتصادية بجهة درعة تافيلالت مقلقة، فيما تزايد نسبة البطالة من الأمور التي دفعت الشباب إلى البحث عن طرق للهجرة إلى أوروبا، ولو بالمجازفة وركوب قوارب الموت”، مردفا: “في حالة استمرار الوضع الاقتصادي على ما هو عليه حاليا فالجهة ستفقد شبابها، سواء بالنجاة والوصول إلى أوروبا أو الموت في البحار”.

كما كشف الحقوقي ذاته أن “هناك ميزانيات ضخمة في مجلس جهة درعة تافيلالت، سواء الميزانية الجديدة أو الميزانيات التي لم يتم صرفها في الولاية السابقة، بسبب ‘البلوكاج’، يمكن استغلالها في خلق فرص الشغل”، موضحا أن “اللقاءات التي يتم عقدها منذ إحداث هذه الجهة يتم فيها صرف أموال طائلة دون فائدة”، وزاد: “كل ولاية يتم عقد لقاءات لإعداد برنامج عمل لا يتم تنزيله على أرض الواقع”.

من جهتها، أكدت صالحة جمادي، من ساكنة إقليم تنغير، أن حلم الهجرة نحو أوروبا أو ما يصطلح عليه بـ”الفردوس الأوروبي” أصبح يراود نسبة كبيرة جدا من الشباب، خاصة من حاملي الشهادات العاطلين عن العمل في مختلف أقاليم الجهة والمغرب عموما.

وأوضحت المتحدثة ذاتها، في تصريح للجريدة، أن “هذا الحلم سيظل يراود الشباب إلى أن تتوفر فرص العمل بالجهة، مع ظروف جدية لهم”، مشيرة إلى أن “المجالس المنتخبة تتحمل مسؤولية مهمة في هذا الإطار، لكونها غير مهتمة بهذه الفئة، وغير مهتمة بتوفير فرص الشغل من خلال إحداث مشاريع اقتصادية قادرة على انتشالها من قوقعة الفقر والتهميش”، وفق تعبيرها.

تعقيدات إدارية

في وقت فتحت الدولة مجالا أمام الشباب حاملي المشاريع من أجل الحصول على قروض بنكية لإنشاء مشاريع لهم، أصبح العديد من الشباب يواجهون تعقيدات إدارية من أجل الحصول على هذه القروض منخفضة الفوائد، إذ إن غالبية الملفات يتم رفضها، بحجة أن المشاريع المقدمة لا يمكن أن تنجح في ظل أزمة جائحة كورونا، وفق إفادة عشرات الشباب في تصريحات متطابقة لهسبريس.

علي أوخيرا، من ساكنة ميدلت، أكد أن “الحصول القروض منخفضة الفوائد لإنشاء مشروع يساهم في الاقتصاد أصبح من سابع المستحيلات”، موضحا أن “الأبناك ترفض منح القروض بخلق مجموعة من الأعذار التي تربك حسابات الراغبين في إنشاء المشاريع”، ومضيفا أن “هذا الأمر يجب أن يعالج في أسرع وقت، خاصة أن المبادرة ملكية لفائدة الشعب”، وفق تعبيره.

وشدد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، على أن “برنامج انطلاقة لم يستفد منه الشباب في هذه الجهة بالشكل المطلوب”، موضحا أنه “حان الوقت لمراجعة الإجراءات المعمول بها لانتقاء الملفات المقدمة من أجل دعم أكبر عدد من المشاريع، وإحداث فرص عمل قارة، مع ضرورة فرض إجراءات صارمة للمستفيدين من أجل العمل على تنزيل مشاريعهم على أرض الواقع”.

مسؤول بإحدى وكالات الأبناك أكد في تصريح مقتضب لهسبريس أن “الملفات التي يتم تقديمها في إطار برنامج انطلاقة بمختلف أقاليم جهة درعة تافيلالت تشكل نسبة قليلة مقارنة مع الجهات الأخرى بالمملكة”، مبرزا أن “هناك ملفات لا يمكن قبولها حاليا، خاصة المرتبطة بالقطاعات المتضررة من جائحة كورونا”.

وأضاف المسؤول ذاته، الذي فضل الحديث دون الكشف عن هويته للعموم، أن “رفض دعم المشاريع التي لها علاقة بالقطاعات المتضررة يعود إلى بنك المغرب”، موردا أن الأخير “هو الوحيد الذي يمكن أن يرفع هذه الإجراءات أو يشددها”، مشيرا إلى أن “الأبناك تواجه مشاكل مع زبائنها في هذا الإطار”.

مسؤول بولاية الجهة يوضح

تعليقا على موضوع بطالة الشباب وغياب فرص الشغل والهجرة نحو أوروبا، قال مصدر مسؤول بولاية جهة درعة تافيلالت (فضل عدم ذكر هويته) إن “غياب فرص الشغل بالجهة كان موضوع لقاء بين والي الجهة ووزير التشغيل خلال زيارته الأخيرة إلى الرشيدية”، موضحا أن “هناك بوادر خير في المستقبل لإحداث آلاف فرص الشغل لفائدة الشباب، خاصة حاملي الشهادات”، وفق تعبيره.

وأردف المتحدث ذاته، في تصريح مختصر لهسبريس، بأن “هناك مجهودات تبذل في الخفاء من أجل إعداد إستراتيجية التشغيل الخاصة بالجهة، من خلال خلق فرص الشغل ودعم المقاولات لتشغيل أكبر عدد ممكن من العاطلين عن العمل، سواء من حاملي الشهادات أو غيرهم”، على حد قوله.

The post البطالة تخنق الشباب في درعة تافيلالت.. وفرص العمل تلامس الصفر appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3qRxlRt

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire