تبكي أم عندما ترى ابنتها وهي تلوح لها بيدها من بعيد، تحت أنظار حسن، بائع قهوة متنقل وشاهد على قصص تتكرر كل يوم. هذا هو حال عائلات تأتي لرؤية بعضها البعض على الحدود بين المغرب والجزائر.
وعلى الرغم من أن المسافة التي تفصلهم تبلغ نحو مائة متر، إلا أنهم لا يقدرون على عبورها منذ ما يقرب من ثلاثين عاما.
وأدى التوتر الدبلوماسي الحالي بين المغرب والجزائر، الذي تفاقم بعد العملية العسكرية في منطقة الكركرات الصحراوية، إلى تزايد معاناة آلاف العائلات المختلطة التي تعيش على طول حدود 1500 كيلومتر، مغلقة منذ عام 1994، ويزداد الأمر تعقيدا.
ويعيش الآباء في جانب والأطفال في الجانب الآخر؛ والبعض الآخر لديهم إخوة أو أبناء عمومة أو أبناء لم يروهم منذ سنوات؛ ويضطرون إلى شراء تذاكر طيران باهظة الثمن لرحلة تستغرق، في خط مستقيم، بضع كيلومترات، أو أن يلجؤوا إلى عصابات المافيا لتهريبهم عبر الحدود.
وعانت الأوضاع على الحدود من تقلبات العداء بين دول المغرب العربي، على خلفية الصراع في الصحراء.
وهكذا، كان هناك إغلاق مؤقت عام 1963 أثناء الحرب بين البلدين؛ وعام 1975 بعد “المسيرة الخضراء” في المغرب، وحتى الإغلاق النهائي قبل 27 عاما.
ويوضح المؤرخ المغربي عبد الهادي برابح، المتخصص في حركات الهجرة، لـ”إفي”: “كان هناك دائما تنقل كبير للمواطنين والقبائل التي استقرت على طول الحدود، على الرغم من المحاولات الفرنسية للحد من ذلك”.
وشهدت العلاقات بين الجارتين فصلا جديدا من فصول التوتر مع إعلان الجزائر في غشت الماضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط، وإغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية.
وكان السفر بالطائرة هو الخيار الوحيد للعائلات لتبادل الزيارات، رغم أنه باهظ التكلفة بالنسبة للعديدين، ويعتبرها البعض الآخر رحلة مؤلمة للغاية وعبثية.
وشرح محمد، وهو مواطن مغربي يبلغ من العمر 66 عاما، لـ”إفي” أنه لرؤية أبناء أخيه الجزائريين الموجودين في بني ونيف، على بعد حوالي 180 كيلومترا من المكان الذي يعيش فيه في بوعرفة، كان عليه أن يسافر إلى جميع أنحاء المغرب والجزائر، إذ يتوجه إلى الدار البيضاء ليصعد على متن طائرة متوجهة إلى الجزائر العاصمة، ثم يستقل حافلة إلى وهران، ومن هناك يقطع مسافة تصل إلى 500 كيلومتر أخرى؛ والآن مع إغلاق المجال الجوي، يتعين عليه أيضا التوقف لعمل ترانزيت في فرنسا أو إسبانيا.
وإزاء هذا الوضع، اعتادت العديد من العائلات على اللجوء إلى أساليب غير شرعية.
ولكن منذ عملية الكركرات العسكرية المغربية قبل عام تقريبا، أصبحت هذه التحركات السرية أكثر صعوبة، وفقا لما قاله العديد من المواطنين لـ”إفي”.
وفي انتظار أوقات أفضل، تكتفي العائلات المشتتة بالالتقاء عند معبر بين لجراف الحدودي، في أقصى شمال شرق المغرب؛ وهو عبارة عن جبل مقسوم إلى قسمين مع طريق على كل منحدر؛ أحد الطريقين مغربي والآخر جزائري.
ويقضي حسن أيامه هناك يبيع القهوة في استراحة صغيرة، حيث تتوقف سيارات الأقارب أو أشخاص عاديين لمقابلة جيرانهم الجزائريين بالرغم من المسافة التي تفصلهم، والتي تصل إلى نحو مائة متر؛ ويلتقطون صور سيلفي ويحيون أقاربهم تحت أنظار القوات المغربية والجزائرية التي تحرس المنطقة على جانبي السياج.
The post التوتر الدبلوماسي بين المغرب والجزائر يفاقم معاناة العائلات المشتتة appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3bFV8LG
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire