يحتفل العالم في شهر نونبر من كل سنة بالأسبوع العالمي للتوعية بشأن المضادات الحيوية، من أجل “إذكاء الوعي بمشكلة مقاومة المضادات الحيوية، والتشجيع على اتباع أفضل الممارسات لدى عموم المواطنين والعاملين بالقطاع الصحي وراسمي السياسات…تفاديا لتفاقم ظهور مقاومة المضادات الحيوية وانتشارها”، حسب منظمة الصحة العالمية.
ورغم توالي الاحتفالات بهذه المناسبة السنوية، من خلال الوصلات التحسيسية والأنشطة الجمعوية والمبادرات التطوعية…مازال النقاش يثار، بين الفينة والأخرى، حول مدى وعي المرضى بأهمية التعامل الصحيح مع المضادات الحيوية، بدءًا باستشارة الطبيب، ومدى مساهمة الأطباء والصيادلة في نشر ثقافة “الاستعمال الآمن للمضادات الحيوية”.
وفي وقت ينبه الأطباء مرارا إلى ضرورة إجراء الاستشارات والفحوصات الطبية قبل شراء وتناول الأدوية بشكل عام والمضادات الحيوية بشكل خاص، مازالت فئة من المرضى تفضل اقتناء حاجياتها من الأدوية دون التوفر على وصفة طبية، ما يطرح تساؤلات حول الأسباب التي تدفعها إلى ذلك.
اصطدام القانون بالقدرة الشرائية
خليل مبتادي، طبيب صيدلي، قال إن “هناك إقبالا كبيرا على شراء المضادات الحيوية من الصيدليات، سواء من طرف الزبائن الذين يزورون الطبيب أولا، ويحصلون على وصفة طبية قبل التوجه إلى الصيدلية، أو من طرف الأشخاص الذين يختصرون الطريق ويلجؤون مباشرة إلى الصيادلة دون إجراء أي استشارة طبية”.
وأضاف المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مدونة الصيدلة 04/17 باعتبارها القانون المنظم للمهنة تمنع على الصيادلة بيع أو تقديم استشارة حول الأدوية المدرجة في لائحة خاصة، إلا إذا أدلى الزبون بوصفة طبية حول تلك الأدوية التي تعتبر المضادات الحيوية واحدة منها، تفاديا لأي مخاطر أو مشاكل صحية محتملة”.
وأوضح الصيدلي أن “القدرة الشرائية الضعيفة لعدد كبير من الأسر المغربية تجعلها غير قادرة على أداء تكاليف الفحوصات الطبية، خاصة إذا كان الأمر يتطلب زيارة طبيب مختص، لذلك يجد المريض نفسه مجبرا على توفير ثمن الكشوفات الطبية واستغلالها في شراء حاجياته من الأدوية، ولو أن القانون يمنع ذلك”.
تعقيد وعبء على المواطن
أكد خليل مبتادي أن “الصيدلي ممنوع من بيع عدد من الأدوية دون وصفة طبية، ومن بينها المضادات الحيوية، لكن الطبيب أيضا لا ينبغي أن يصف للمريض أي مضاد حيوي دون إجراء تحاليل antibiogramme، من أجل التأكد مما إذا كانت للمريض أي حساسية ضد بعض مكونات الأدوية، وحتى يتمكن من وصف الدواء المناسب للمرض”.
وقال الصيدلي ذاته: “حين يقصد الزبون الصيدلية لشراء مضاد حيوي، من الواجب عليّ أن أنصحه بزيارة الطبيب، ما قد يكلفه 300 درهم لدى طبيب مختص، وهذا الأخير مجبر بدوره على إحالة المريض على أحد المختبرات لإجراء التحاليل اللازمة التي قد يصل ثمنها إلى 500 درهم، قبل أن يتم تحديد سبب المرض لوصف مضاد حيوي قد لا يتجاوز ثمنه 55 درهما”.
ووصف الطبيب الصيدلي هذه العملية بـ”المعقدة”، مضيفا أنها “تشكل عبئا على المريض الذي لا يتوفر على حماية اجتماعية وتغطية صحية في المستوى الذي يجعله قادرا على زيارة الطبيب كلما دعت الضرورة إلى ذلك، إضافة إلى أهمية توفير المراكز الصحية والمستشفيات والمختبرات الطبية…لكي يساهم الجميع في إنجاح كل المشاريع التي تهتم بصحة المواطن”.
The post التحسيس بالاستخدام الآمن للمضادات الحيوية يصطدم بإكراهات مادية واجتماعية appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3GYe8Ug
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire