إسهامات المغاربة التاريخية في اقتصاد المشرق .. ريادة تنتظر دراسات وافية

يميط بحث جديد اللثام عن بعض أوجه الإسهامات الاقتصادية والتجارية للجاليات المغربية في المشرق العربي، بين نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، بعدما سجل أن الوجود المغربي بالأقطار المشرقية لم يحظ بـ”دراسات وافية تستجلي صفحات ضافية من الإسهامات المغربية في شتى المناحي الحياتية، وإضافتهم النوعية في العديد من الحقول، خاصة منها التجارية والعلمية، ودورهم الريادي في إنعاش الحقل الاقتصادي”.

جاء هذا في مقال للباحث وليد مودن، صدر في العدد 49 من “مجلة كان التاريخية”، ويأتي في سياق اهتمامه بالحضور المغربي في المشرق خلال الفترة المعاصرة.

ويسجل البحث أن مجموعة من الأسر المغربية هاجرت إلى بلاد المشرق، خاصة إلى مصر، و”ساهمت جنبا إلى جنب مع باقي الشرائح المجتمعية المشرقية في تأسيس البناء الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والديني والحضاري والعلمي، عبر مجموعة من العائلات التي بصمت على حضورها الوازن في أرض المشرق العربي”.

ويضيف “لا مشاحة أن هذه العائلات بزغ صيتها في الجانب الديني، وذلك ما حفلت به الإشارات المصدرية، غير أنه كان لها شأوٌ عظيم في جوانب أخرى على غرار الحياة الاقتصادية والمبادلات التجارية”.

ومن العوامل التي ساهمت في الهجرة المغربية إلى المشرق العامل التجاري، حيث بحث مغاربةٌ، حسب نص المقال، عن “الرواج والغنى وبيع البضائع”، وهو ما برزت فيه عائلات مثل الشرايبي، خاصة بمصر في القرن السابع عشر، التي وصل أحد أفرادها، محمد الكبير الشرايبي، إلى منصب “شهبندر التجار” سنة 1695.

كما كان من بين المغاربة الذين “بلغوا شأوا في مراقي التجارة في مصر” محمد بناني الذي كان مقيما بمانشستر البريطانية، وكان له أهل وعائلة وتجار بمصر، وجلب وصدر البضائع إليها مثل الأحذية التقليدية (البلاغي)، و”ورد عنه اتخاذ الجنسية البريطانية، وهو ما سهل مأموريته التجارية ومعاملاته المالية، ذلك أن مصر كانت تحت وطأة الانتداب الإنجليزي”.

ويذكر البحث أن المغاربة كانوا على رأس الجاليات المسلمة التي استقطبتها مصر، وهو ما يظهر “من خلال رواق المغاربة الذي كان أكبر أروقة الأزهر”. كما كان المغاربة “يقصدون الشام، ودمشق على وجه الخصوص، لطلب العلم أو تدريس بعض العلوم التي برعوا فيها، مثل القراءات السبع وعلوم الآلة وفي مقدمتها النحو”.

ويتحدث البحث عن العائلات الفاسية، التي وجدت لها في مصر والشام مرتعا من أجل الرواج التجاري والربح الاقتصادي. كما يتحدث عن القرن الثامن عشر، الذي برز فيه المغاربة “بشكل باهر في الجانب التجاري”، حيث حضرت عائلات فاسية ومراكشية، من بينها: المراكشي، الشرايبي، بنيحيى، بناني، التازي، بنجلون، بنونة، الحلو، جسوس، زاكور، الشاوي، القباج، بنشقرون، الزرهوني، الكوهن، الجيلاني، بنكيران، العرايشي، اللبار، مصانو، بنمشيش وبرادة.

ويتابع البحث “نشط المغاربة خاصة في التجارة، خاصة في ميدان البن والتوابل، والسلع المغربية من نعال وبلغ”. قبل أن تنطفئ التجارة المغربية بشكل كبير، بالشام ومصر، في فترة مواجهة الاستعمار بالمشرق، والإصلاحات الإدارية بأرض الكنانة، في عهد محمد علي، الذي سن قوانين جديدة لإعادة بناء الاقتصاد المصري.

ويسجل المصدر نفسه أن السلاطين المغاربة أولوا “أهمية قصوى للتجار الذين برحوا الأراضي المصرية، وكان عليهم وكيل يدبر أمرهم، ويسهر على تمشية أمورهم بأمر من سلطان المغرب”، وهو ما “تؤكده بعض الرسائل التي تبودلت بين سلطان المغرب إلى أرض المشرق”، والتي ذكرت في بعضها أسماء مغاربة في عهود السلاطين عبد الرحمن والحسن وعبد العزيز.

كما كانت قوافل الحجيج تحمل بعض المنتوجات الحرفية من فاس لبيعها في بلدان العبور، و”لما نالت هذه المنتوجات نجاحا كبيرا، خصوصا في الأسواق المصرية، أصبح الحجاج يحملون كميات هائلة، بل أصبحت قوافل تجارية خاصة تذهب إلى مصر حاملة منتوجات مدينة فاس، وبالخصوص الطرابيش والأحذية والجلاليب”.

ومع أهمية السوق المصرية، يذكر البحث، “رحل كثير من التجار الفاسيين إلى القاهرة، حيث أقاموا بيوتا تجارية تحقق أرباحا طائلة”، وكانت لائحة التجار الفاسيين الذين يتوفرون على مراسلين تجاريين في القاهرة تضم “أكثر من عشرين تاجرا تتراوح أرقامهم التجارية التي يحققونها مع السوق المصرية بين 20 ألفا و60 ألف فرنك سنويا”.

The post إسهامات المغاربة التاريخية في اقتصاد المشرق .. ريادة تنتظر دراسات وافية appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3j7l0Ue

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire