"قارئات الفناجين" في الإعلام الجزائري

“عايزين جنازة ويشبعوا فيها لطم”.. لم أجد مَثلا شعبيا معروفا أفضل من هذا المثل المصري الرائج لينطبق على حالة الجزائر الجارة الشرقية للمغرب.

هذه للأسف الحالة الذهنية التي باتت تعيش وتحيا عليها الجزائر.. وطبعا هنا لا أقصد أبدا الشعب الجزائري الشقيق، الذي يكن أغلبه الود للمغاربة، ولكن القصد هنا قصر المرداية المحكوم بهواجس وأطماع الجنرالات النافذين في البلاد.

ومثل النساء اللواتي لا يجدن راحتهن سوى في الجنائز ليشبعن فيها لطما على الخدود وشقا للجيوب، يحرص حكام الجزائر على حضور واستغلال أي “حادثة دبلوماسية” لها علاقة بالمغرب، حتى لو لم يكن فيها “موتى” ولا تصل إلى درجة الجنازة.

آخر “الجنائز” التي شبعت فيها الجزائر، من خلال إعلام الجنرالات، لطما ما بعده لطم، تلك المتعلقة بالاتهامات التي تقف وراءها منظمات دولية وجهات إعلامية أجنبية معروفة بعدائها للمملكة بشأن مزاعم تجسس الأجهزة الأمنية والاستخباراتية على صحافيين ونشطاء وشخصيات وطنية وأجنبية.

وتبنى إعلام الجزائر، بدون وجل، ما تروجه تلك المنظمات والجهات من اتهامات ضد السلطات المغربية، وخصص مقالات يومية للنيل من المملكة، دون تثبت أو تحر للمصداقية، التي يبدو أنها ذُبِحت عند أعتاب قصر المرادية.. ولا عزاء لمهنة الصحافة “صاحبة الجلالة”!!

ولم يكتف كهنة الجزائر وسدنتها باللطم على الخدود وشق الجيوب، والنفخ في النار، والاصطياد في الماء العكر مثل الضفدعة، من أجل الإساءة إلى سمعة المملكة، بل امتهنوا أيضا حرفة أخرى هي “قراءة الفنجان”.

وباقتفاء أثر “قارئات الفناجين” في الإعلام الجزائري، نجد أنهم وصلوا بتحليلاتهم التي لا يُشق لها “قهوة” (وليس غبارا) إلى خلاصة أن “المغرب يتجه إلى خسارة أكبر داعمي سياسته الخارجية في الصحراء”، والإشارة هنا إلى فرنسا.

ولا يحتاج الأمر إلى ذكاء كبير لمعرفة كيف يحاول قصر المرادية صب النار على الزيت، ومحاولة الإيقاع بين المغرب وفرنسا، من خلال ترديد أسطوانة الاتهامات المتعلقة بالتجسس التي لا تنطلي مبالغاتها و”بلاهتها” على أحد.. وإلا كيف ستتجسس الدولة المغربية على نفسها؟.. هذا فرضا إذا صدقنا بعض الروايات المتواترة هنا وهناك حول هذا الملف، الذي سترينا الأيام بخصوصه أن وراء الأكَمة ما وراءها.

حكام الجزائر تركوا مشاكل بلادهم من بطالة وغلاء وتذمر للشباب وهجرة سرية وانتخابات فاشلة واحتجاجات شعبية، ولم يجدوا سوى اللطم في كل مناسبة أو حدث سياسي أو دبلوماسي يتعلق بالمغرب أو “حتى برائحة المغرب”.

ولسوء حظ “لاطمات الجنائز” و”قارئات الفناجين”، فإن الرد الفرنسي على محاولة إشعال التوتر بين المغرب وفرنسا جاء سريعا من قبل أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي، الذين أكدوا، الثلاثاء، (بعد ترويج الاتهامات المذكورة) تميز العلاقات بين الرباط وباريس، كما دعوا إلى “تعزيز التقارب بين البلدين ومحاربة التضليل الإعلامي الذي تروج له بعض الأوساط”.

وقبل فرنسا حاول قصر المرادية أن ينفخ النار تحت رماد الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، كما بين المغرب وألمانيا، من خلال تسفيه القرارات المغربية والإشادة بما يقرره الألمان أو الإسبان.

وهذا كله لأن جنرالات الجزائرـ مثل لاطمات الجنائز ـ لن يهنؤوا أبدا إلا برؤية المغرب معزولا إقليميا ودوليا. لكن هذا لن يتأتى للجارة الشرقية، فالمغرب يعرف تماما متى يقول “لا” عندما تداس كرامته أو تمس رمال صحرائه، كما يعرف تماما متى يقول “نعم” لمن يمد يده إليه صدقا ومحبة في التعاون.

بئس الجيران أنتم!!!

The post "قارئات الفناجين" في الإعلام الجزائري appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3iDT1v2

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire