أثير خلال الأيام الأخيرة نقاش حول تعاطي السلطات مع الوقفات الاحتجاجية بمقاربة اعتبرها البعض “تمييزية”؛ ففي الوقت الذي تمنع فيه المسيرات والوقفات الاحتجاجية التي تخوضها تعبيرات مجتمعية، مثل تنسيقيات الأساتذة والجمعيات الحقوقية، بداعي استمرار حالة الطوارئ الصحية، لم تعمد السلطات إلى منْع تجمّعات لأنصار فريقين رياضيين.
ولفت انتباه المتتبعين، خلال الأسبوع الماضي، تنظيم آلاف من أنصار فريق الرجاء البيضاوي لكرة القدم لتجمع حاشد أمام مركب الوازيس بمدينة الدار البيضاء، دون أن تتدخل قوات الأمن لتفريق المتظاهرين، رغم أنهم لم يحترموا الإجراءات الاحترازية التي وضعتها السلطات لمنع انتشار فيروس كورونا، ورغم استمرار حالة الطوارئ الصحية.
وتزامنا مع إصدار سلطات الرباط لبلاغ أول أمس الأحد تقرر بموجبه منع أي تجمع أو تجمهر بالشارع العام، بعلّة تفادي خرق مقتضيات حالة الطوارئ الصحية، كرد فعل استباقي لاعتزام التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد الاحتجاج بالرباط يومي الثلاثاء والأربعاء، نظم جمهور فريق الوداد الرياضي البيضاوي تجمعا كبيرا بمحاذاة مسجد الحسن الثاني بمدينة الدار البيضاء، اكتفتْ قوات الأمن بمراقبته.
ويرى الفاعلون الحقوقيون أنّ تبرير منْع الأشكال الاحتجاجية باستمرار حالة الطوارئ الصحية، غايته هي منع التعبيرات المجتمعية المزعجة للسلطة من الاحتجاج، وهو ما أكده عبد الرزاق بوغنبور، الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، بقوله: “الملاحظ هو أنه مع انطلاق الحجر الصحي استغلت الدولة الوضع من أجل تضييق الخناق على الحركات الاحتجاجية، بمبرر احترام تدابير الوقاية من انتشار فيروس كورونا”.
وأضاف الفاعل الحقوقي، في تصريح لهسبريس، أن الدولة تمّيز بين الاحتجاجات ولا تتعامل معها بمقاربة موحدة، “فالأشكال الاحتجاجية المرتبطة بممارسات الدولة في مجال السياسات العمومية، أو ما يرتبط بالمؤسسات، تتعرض للتضيق والمنع والاستعمال المفرض للقوة بدعوى تطبيق القانون، بينما يتم الترخيص لتنظيم تجمعات لجهات منخرطة في السياسة الرسمية للدولة، أو الجماهير الرياضية”.
وذهب بوغنبور إلى القول إنّ الدولة “تفضح نفسها من خلال ازدواجية التعامل الذي تتعاطى به مع الأشكال الاحتجاجية”، معتبرا أنّ “الواقع يبيّن أن الخطاب الرسمي الذي يتم ترويجه خطاب مزيّف، لأن الدولة لا تتعامل مع جميع المواطنين بالمنطق نفسه، وهذا التعامل يجعلها في موقف محرج”.
وجوابا على سؤال بخصوص ما إن كانت السلطات تمهّد للحد من الفعل الاحتجاجي “المزعج”، حتى بعد زوال حالة الطوارئ الصحية، استبعد بوغنبور هذا الطرح، معتبرا أن منع المسيرات الاحتجاجية يتطلب تعديل القانون المنظم للتجمعات، مضيفا أن “الدولة التي تدعي أنها قطعت أشواطا في مجال حقوق الإنسان، لن تسير في هذا الاتجاه، لأنه ليس من مصلحتها”.
The post "ازدواجية" تعامل السلطات مع الاحتجاجات تسائل مبرر "حالة الطوارئ" appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3woq7Fc
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire