لبنى بنعبو تدعم اتخاذ القرارات في ميدان الأعمال بتطبيقات الذكاء الاصطناعي

انتقلت لبنى بنعبو إلى كندا على مرحلتين، الأولى أتت بغرض التكوين العلمي واستيفاء التحصيل، ثم جاء التحرك خلال المرحلة الثانية من أجل الانخراط في البحث العلمي، وأيضا للتعاطي مع الأجيال الجديدة بالتأطير والمرافقة اللذين يفضيان إلى نقل المعرفة، والفترتان معا تتسمان بالكثير من البذل في سبيل بلوغ الأهداف المنشودة.

عدلت المغربية المستقرة في كندا مسارها المهني مرتين اثنتين أيضا، الأولى كانت وقت التخلي عن الاشتغال في البورصة بغية البحث عن آفاق جديدة، أما الثانية فجاءت بالنأي عن صندوق التقاعد CMR بغرض العودة إلى التحصيل العلمي، فكان الاختيار النهائي لصالح التعامل مع ميدان الذكاء الاصطناعي في شقه المرتبط بعالم ‘’البيزنس’’.

انطلاقة من القنيطرة

قضت لبنى بنعبو مرحلة الطفولة وسنوات الشباب الأولى في مدينة القنيطرة، عاصمة منطقة الغرب التي رأت فيها النور، ومرت من الأقسام الدراسية لمدرسة أحمد شوقي الابتدائية وفصول التحصيل بإعدادية السكة الحديدية، وسط الحاضرة نفسها، حتى أفلحت في الحصول على شهادة الباكالوريا بثانوية عبد المالك السعدي.

وتقول لبنى: “استمرت الدراسة خارج مدينة القنيطرة بعدما اخترت الذهاب إلى مدينة طنجة من أجل الالتحاق بالأقسام التحضيرية، ثم التحقت بعد ذلك بمدينة الرباط من أجل مواصلة التحصيل الأكاديمي، وقد تأتى ذلك بالدخول إلى المدرسة المحمدية للمهندسين، فتحقق التخرج من هذه المؤسسة ضمن دفعة سنة 1998”.

حرصت بنعبو على إطلاق مسار مهني لكسب المزيد من الخبرة خلال السنوات العشر الموالية لتخرجها مهندسة، فكانت الانطلاقة من خلال العمل في تداولات بورصة الدار البيضاء. وقد استمرت هذه التجربة سنتين اثنتين قبل تغيير الوجهة، فكان الموقع الثاني باكتساب صفة مدبرة محفظة في الصندوق المغربي للتقاعد حتى سنة 2008.

الذهاب والإياب

ارتأت لبنى بنعبو بمعية زوجها، المتخرج أيضا من المدرسة المحمدية للمهندسين، البحث عن تعميق المدارك العلمية، ولذلك قطعت المسار المهني في المغرب من أجل الذهاب إلى “جامعة لافال” في كبيك بكندا، وتستوفي التكوين في ماستر لإدارة الأعمال قبل الحصول على دكتوراه بأطروحة عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرار في ميدان الأعمال.

وحول تلك الفترة تورد بنعبو: “لم تكن هجرة بقدر ما كان هناك استكمال للدراسة. صحيح أن كندا بعيدة جغرافيا عن المغرب، لكن الطرح الأكاديمي المبتغى جعلها الأقرب إلى الطموحات في ذلك الحين، خاصة أن نوعية الـMBA نأت عن العموميات لصالح التخصص، فحضر ربط الهندسة بالرياضيات وعالم الأعمال”.

التزاما بالمخطط البدئي، الذي كان يربط التواجد في كندا بطموحات دراسية فقط، حرصت لبنى بنعبو على العودة إلى المغرب بعد حصولها على شهادة الدكتوراه، وقد استأنفت حياتها المهنية من خلال الإقبال على التدريس في المدرسة المحمدية للمهندسين، وبالوصول إلى سنة 2018 قررت شد الرحال مجددا إلى كندا؛ بنية الإقامة الدائمة هذه المرة.

أبحاث الذكاء الاصطناعي

لم تشعر لبنى بالاغتراب عند هجرتها إلى كندا أواخر العشرية الماضية، مستفيدة من سابق معرفتها بالبلاد أثناء مرحلة الدراسة بـ”جامعة لافال” كي تنطلق بثبات صوب تحقيق أهدافها في فضاء العيش البديل، وقد كانت الانطلاقة من خلال التدريس في التعليم العالي، إذ غدت أستاذة في “جامعة كبيك”.

“التواجد سنوات طويلة في المدرسة المحمدية للمهندسين، بين 2008 و2018، كان ذا نفع كبير في كندا، إذ لم تكن المهام في كبيك مرتبطة بالأداء التدريسي وحده، بل انصب التركيز أيضا على البقاء نشيطة في البحث العلمي أيضا، والخبرة المكتسبة في المغرب لها دور مفصلي في تسهيل الاعتياد على المتطلبات المهنية في كندا”، تقول بنعبو.

وبفضل هذا الحضور الأكاديمي في مؤسسة جامعية مشتهرة بالتميز في البحث العلمي، حرصت لبنى بنعبو على الارتباط بسلسلة من الأبحاث الحاصلة على اعترافات مراكز عالمية رفيعة المستوى، مركزة جهودها على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعامل مع المشاكل المعقدة؛ لاتخاذ قرارات على المستويين المتوسط والبعيد.

قدرات مغربية في الميزان

يتخصص العمل التدريسي والأداء البحثي للبنى بنعبو في تطوير الأبحاث الأساسية والتطبيقية ذات الصلة بالشركات، عبر إرساء الدعامات النظرية القادرة على التعامل مع الوضعيات المركبة في ميدان الأعمال، بالاعتماد على العلوم الرياضية، من أجل الوصول إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القادرة على صياغة الحلول الممكنة.

وعن هذا الاشتغال تورد المنتمية إلى صف الجالية: “المغاربة يشكلون نسبة مهمة من الطلبة الذين أشرف على تأطيرهم في جامعة كبيك، ويمكنني التأكيد أنهم يتوفرون على مستوى رفيع وقدرات مثيرة للإعجاب، ما يتيح لهم البروز ضمن ميدان الهندسة ومجال الذكاء الاصطناعي بكيفية مشرفة للغاية”.

من جهة أخرى، تتموقع بنعبو وسط التعاون القائم بين جامعة كبيك ومجموعة من الجامعات المغربية في مشاريع قائمة على شراكات متينة، مع تطلع هذا الأداء المشترك إلى المزيد من التطور بعدما دأب، في مواعيد سابقة، على تفعيل تبادلات طلابية في كلا الاتجاهين، والانتفاع مما يحققه ذلك من تبادل للمدارك والخبرات بين الأساتذة، من جهة، وعلى مستوى الطلبة في ما بينهم، من جهة أخرى.

طموح يربط بين بلدين

تطمح لبنى بنعبو إلى المشاركة في تقوية التعاون بين المغرب وكبيك من موقعها الأكاديمي، وانطلاقا من اشتغالها في ميدان الذكاء الاصطناعي، وأن تُوفق في القيام بما يتيح لجميع الأطراف أن تنخرط في علاقات مربحة للكل، خاصة ما ينعكس بكيفية إيجابية على المستويات العلمية للأساتذة والطلبة.

وتقول المنطلقة مسيرتها في الحياة من القنيطرة: “المغرب رائد في التكوين الجامعي للذكاء الاصطناعي في المراحل التي تسبق الحاجة إلى تكوينات في درجة ماستر أو لدى الوصول إلى مرحلة الدكتوراه، كما أن المملكة تعرف انتشار العديد من المراكز والمدارس التي تساهم في التطور ضمن مهارات عدة؛ ‘الكوداج’ يلوح على رأسها”.

بناء على ذلك؛ ترى بنعبو أن بمقدورها تقديم المزيد من أجل الارتقاء بالأبحاث المغربية الكندية في الذكاء الاصطناعي، خاصة بعد المبادرة التي تم تنظيمها عقب زلزال 8 شتنبر 2023 في الحوز والمناطق المجاورة له، وتفعيل ‘’هكاتلون’’ للذكاء الاصطناعي خلال الكوارث الطبيعية، بمشاركات من مختلف أرجاء العالم. وينصب التركيز حاليا على الانتقال إلى تطبيق ما تم الوصول إليه.

الحاجة إلى الإتقان

تؤمن لبنى بنعبو بأن الهجرة الشبابية يمكنها أن تصير ناجحة بسلاسة إذا حرصت على صقل ما يتم القيام به حتى يصل الأداء إلى أعلى مستوى ممكن. وبغض النظر عن تفاصيل العمل، يجب على صاحبه أن يستحضر ضرورة الإتقان، وفي المرحلة الأرقى ينبغي على كل من يتقن شيئا أن يتولى مساعدة الآخرين، لتكون النتيجة ارتقاء فرديا وتطورا جمعيا في إطار التكامل.

من جهة أخرى، ترى المتخصصة في نظريات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الميدان الاستثماري أن الاختيارات التي يقوم بها المهاجرون إلى كندا، أو أي حيز جغرافي آخر عبر العالم، ينبغي أن تراعي الإمكانيات الذاتية وأن تستحضر العقلانية المبنية على الوعي بحدود القدرات الشخصية.

وتختم لبنى بنعبو: “التواجد مع العائلة لا ثمن له، لذلك تبقى الهجرة بحثا عن أثر إضافي يلوح للعيان خارج البلاد؛ أما الحفاظ على الهوية المغربية فإنه واجب على كل أبناء الوطن أينما كانوا، لأن الانتماء يكون إلى الأصل دون غيره، وبعدها يمكن استدعاء الاندماج أو تحقيق التجنيس لإغناء الأصل وليس للتفريط فيه”.

The post لبنى بنعبو تدعم اتخاذ القرارات في ميدان الأعمال بتطبيقات الذكاء الاصطناعي appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/8AW6VZY

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire