شكيب سعد الله يجني بكندا ثمار التقاطعات بين علوم الصحة وإدارة الأعمال

بصم شكيب سعد الله على مسار شخصي ومهني جيد يمتد على طول المسافة الفاصلة بين المغرب وكندا، مستعينا في ذلك بالتحرك على سكتين؛ الأولى تقترن بالعلوم الحقة في ميدان الصحة، والثانية لا تنفصل عن الأساليب الملائمة لإدارة الأعمال بكيفية جيدة، ليتمكن حاليا من جني ثمار التقاطعات بين المجالين معا.

شكيب، وهو ابن شقيق الفنان المغربي الراحل عزيز سعد الله، الشهير في مجال التمثيل على الساحة المغربية، يعلن هجرته إلى كندا، أواسط تسعينيات القرن العشرين، خيارا عقلانيا مبنيا على استقراء أحوال مجتمعات أجنبية عديدة. كما يرى أن الفرص لا تزال متاحة في هذا البلد ليغتنمها الراغبون في الهجرة النظامية إلى هذه القطعة من أمريكا الشمالية.

إلى غاية الباكالوريا

كبر شكيب سعد الله في ‘’حي پالميي’‘ في مدينة الدار البيضاء، وترعرع في المنطقة نفسها حتى اشتد عوده بالتجارب المتتالية في مقاطعة المعاريف بالعاصمة الاقتصادية للمغرب، وانخرط في مسيرة تعليم جيدة بالبعثة الفرنسية حتى تحصل على شهادة الباكالوريا في ثانوية ليوطي الشهيرة.

ويقول شكيب: ‘’نلت عناية أسرية جيدة وسط ظروف مادية محترمة، إذ كان أبي طيارا ويحرص على منح أبنائه مستوى تعليميا رفيعا، ولا يبخل عليهم بالبذل من أجل تحقيق هذا المستوى، وكان الرهان أن يصير المرء مؤهلا لمواكبة تحديات المستقبل وأن يحوز مهارات تتيح له اغتنام الفرص المتاحة’’.

دأب سعد الله، منذ نعومة أظافره، على السفر صوب وجهات عديدة خارج المغرب؛ ما جعله يتمكن من التعرف مبكرا على مميزات مجموعة كبيرة من المجتمعات الأجنبية. وبما أنه كان يبتغي خوض مسار في التعليم العالي بعيدا عن المغرب، فقد حرص على اختيار كندا بالاعتماد على خلاصات الرحلات السابقة التي قادته إليها.

التوجه إلى كندا

‘’من حسن حظي أن اشتغال أبي في قطاع النقل الجوي قد أنشأني في وسط أسري يؤمن بمنافع الأسفار، ويعطي حيزا فسيحا لإمكانية التعلم بالاحتكاك مع الناس في المغرب وخارجه؛ بينما التحركات نحو بلدان عديدة في قارات العالم المختلفة جعلتني أتعرف على قدر كبير من الثقافات وأتقبل التعامل مع الآخرين دون إعارة أي اهتمام لوجود الاختلاف’’، يقول شكيب.

كما يورد سعد الله في هذا السياق: ‘’الوجود في كندا يعني الوقوف على أرض ينطق ناسها بالإنجليزية والفرنسية، وهي خليط غريب بين ما هو أمريكي وما يرتبط بالثقافات الأوروبية. كما تغتني بروافد من الهجرة التي أقبلت عليها، وكثرة هذه المميزات تعني وجود فرص أوفر مما يمكن أن يحضر في مكان آخر’’.

ويذكر المنحدر من الدار البيضاء، أيضا، أنه اختار شق مساره في الديار الكندية دون إيلاء أهمية لوجود الصعوبات، إيمانا منه بأن العيش في أي مكان له مشاق خاصة به، قبل أن يواصل ساخرا: ‘‘قد أشتكي فقط من البرد القارس في هذه المنطقة من أمريكا الشمالية، حين انبهرت بالثلوج أول مرة لم أكن أعرف أنني سأحزن لاحقا كلما غطت الأرض’’.

في علوم الصحة

بعد حصوله على الباكالوريا في الدار البيضاء، حرص شكيب سعد الله على الانخراط في النموذج الكندي من ‘’الأقسام التحضيرية’’ قبل أن يبدأ مرحلة التعليم العالي. وعلى الرغم من أن المدة الزمنية اللازمة لاستيفاء هذه الفترة التكوينية قد تمتد موسمين اثنين، فإن القادم من المغرب حصل على فرصة لإنهاء المطلوب منه في موسم واحد.

ويقول المنتمي إلى صف مغاربة كندا منذ 1994: ‘’حصلت على تسهيلات قلصت فترة التحضير، مع العلم أن القيام بهذه الخطوة ليس إجباريا أبدا؛ بل كان بإمكاني التوجه مباشرة إلى المؤسسات الجامعية، لكنني اخترت أن تكون هذه الطريقة مدخلا من أجل التخصص في علوم الصحة بجامعة مونتريال’’.

عبر سعد الله ثلاث سنوات من التكوين كي يتحصل على شهادة الإجازة في علوم الصحة، وحظي بفرصة للتمرن ضمن معهد متخصص في الأمراض السرطانية بمونتريال؛ لكنه لم يستسغ إيقاع الاشتغال في المختبرات وكيفية إجراء التجارب، خاصة ما يتطلبه العمل من عزلة عن الناس، ليقرر تغيير المسار في الطور الدراسي الموالي.

التميز في ‘’البيزنس’’

يقول شكيب سعد الله: ‘’هجرتي كانت من أجل التطور وكسب المعلومات والدبلومات. لذلك، عملت على الاستفادة من دروس التعليم العالي في الميكروبيولوجيا، أولا، ثم اتجهت بعدها للحصول على ماستر في تدبير الأعمال. وبذلك حققت مبتغاي في استيفاء التكوين العلمي الذي شدني إليه، من جهة، والانفتاح على المجتمع المهني المتصل بالمال والأعمال، من جهة ثانية”.

“الوصول إلى MBA كان يستلزم الدراسة باللغة الإنجليزية، وقد مثل ذلك تحديا إضافيا في مسيرتي كي أنكب على الاجتهاد من أجل ضبط التواصل بهذه اللغة، وتحديدا ما يحتاجه ميدان التخصص من ضبط للمصطلحات الخاصة به. لقد كان وجها آخر للتجربة الكندية التي تقتضي التعامل بالإنجليزية ثم الفرنسية في عدد كبير من المجالات’’، يسترسل شكيب.

ويرى المغربي عينه أن تكوينه الجامعي، في مرحلتَي الإجازة والماستر، قد حقق الأهداف المتوخاة منه بعدما فتح المجال للاشتغال في ميادين علوم الصحة من البوابات الإدارية، إذ أضحى سعد الله مؤهلا للاستفادة من الارتباطات القائمة بين الخدمات الاستشفائية والمعاملات ذات الصبغة التجارية.

مسيرة مهنية متحركة

استهل شكيب سعد الله مساره المهني بطرح مجموعة من الأدوية في السوق، مرتبطة بميادين عديدة من سرطان البروستاتا إلى السكري، مرورا باستبدال التستوسترون، ثم انتقل صوب شركة متخصصة في منح الشركات الصيدلانية معلومات حول الوصفات الطبية والبرامج ذات الصلة بالفحوصات المعقدة.

وفي المرحلة الموالية، انخرط شكيب في أوراش لرقمنة المستشفيات، وكان الغرض وضع آليات إلكترونية تتيح تقليص الوقت وإرساء مسار غير مادي من زمن الخضوع إلى الفحص حتى الشروع في تلقي العلاج الملائم، ملازما في ذلك مرافقَ طبية كبيرة على مستوى كبيك وعموم الشرق الكندي، ثم انتقل للقيام بالأداء نفسه على صعيد المختبرات الطبية.

وحول التحركات المهنية الموالية يقول سعد الله: ‘‘ارتبطت أيضا بميدان الصحة النفسانية، ثم حضر الاهتمام مرة أخرى بطب العيون. وحاليا، أتولى مهمة مدير وطني لتنظيم مهني يضم مجموعة من الشركات الكبرى المتخصصة في النظارات. ويتعلق الأمر بشبكة تحرص على مساعدة الناس بجودة عالية في المنتجات، والمطلوب ضمان خدمة ممتازة والحرص على الممارسات الجيدة في الميدان”.

السياسة والقيمة المضافة

يشدد شكيب سعد الله على أن طموحاته لا تنضب. لذلك، يلتزم سياسيا مع حزب المحافظين، وكانت له مشاركة انتخابية مع التنظيم على مستوى كبيك. كما يعلن أن قناعاته السياسية ترتبط بوجوب توسيع هامش الحريات والتضييق على الراغبين في الحد منها، معطيا المثال باستهداف المدبرين خصوصيات الأسر.

ويفسر الكندي ذو الأصل المغربي: ‘’حزب المحافظين ملائم لي، خاصة بعدما حضر تشريعا يمنح الحكومة الأولوية على الأبناء قبل الأسرة، وإن كان التطبيق لم يتم إلا أن الأساس قائم فعلا، وهذا أمر غير مقبول يحتاج أن تتم مواجهته حتى يلغى، فالأب والأم قبل الحكومة، والعمل السياسي سبيل لتحقيق ذلك’’.

أما بخصوص ‘’المهاجرين الجدد’‘ فإن سعد الله يرى أن كندا، رغم التقهقر في شق الحرية مقارنة بالماضي القريب، لا تزال حريصة على تشجيع الباحثين عن مستقبل أفضل، ويزيد: ‘’الطرق متنوعة حسب قدرات كل فرد، فالباحث عن التكوين يحصل عليه، والراغبون في الأعمال اليدوية يمكنهم أن يحصلوا على مردود مالي جيد.. والأهم هو أن الكنديين لا يزدرون غيرهم؛ بل يزيد احترامهم للمهاجر كلما زادت القيمة المضافة التي يقدمها للمجتمع”.

The post شكيب سعد الله يجني بكندا ثمار التقاطعات بين علوم الصحة وإدارة الأعمال appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/ENv4ipe

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire