ورقة بحثية ترصد ضعف "ولوج المرأة إلى الفرص الاقتصادية" بالمغرب

“معدل نشاط المرأة المغربية سجل انخفاضا صار هيكليا على مدى السنوات العشرين الماضية”، كانت هذه أبرز الخلاصات الواردة في ورقة موجزة للسياسات (policy brief) نشرها مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد تحت عنوان “ولوجية المرأة إلى الفرص الاقتصادية في المغرب”.

هذه الورقة البحثية، التي تتوفر هسبريس على نسخة منها، سجلت أن “هذا الانخفاض يغدو أكثر أهمية نظرا لانخفاض مستوى هذا المعدل، الذي يعتبر من بين أدنى المعدلات في العالم. بيد أنه تم أو يجري (في الظرف الراهن) تنفيذ عدد من الإصلاحات والبرامج والإجراءات لتحسين ظروف المرأة، اقتصاديا واجتماعيا، بكل من المناطق الحضرية كما القروية”.

الورقة التي نشرت أواخر مارس 2023، وضعت من خلالها مونية بوستة، الباحثة الرئيسية بالمركز ذاته، موضوع “ولوج المرأة المغربية إلى الفرص الاقتصادية” تحت مجهر التحليل والدراسة، بعد مضي أسابيع قليلة احتفى خلالها العالم بـ”اليوم الأممي لحقوق المرأة”.

ولتقييم “تطور معدل نشاط الإناث حسب مختلف العوامل”، أحالت بوستة، التي سبق لها تقلد منصب كاتبة الدولة لدى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربية (في حكومة سعد الدين العثماني)، إلى معدل نشاط المرأة في المغرب الذي تنشره المندوبية السامية للتخطيط، والذي أسفر عن “انخفاض هيكلي”، متراجعا بحالة النشاط بين المغربيات الآن إلى أقل من 20 في المائة بالنسبة للإناث فوق سن 15 عاما، بينما “يعتبر ما يقرب من 80 في المائة من النساء غير نشطات” على مدى العقدين الماضيين.

وعرّف “موجز السياسات” معدل النشاط بأنه مؤشر يشير إلى “حصة السكان المشاركين أو الساعين إلى المشاركة في إنتاج السلع والخدمات من مجموع سكان البلد”.

المصدر ذاته زاد أنه “بالمقارنة مع تطور معدل مشاركة ونشاط الذكور، نجد تقريبا الاتجاه التنازلي نفسه، مع بقاء الفجوة بين معدل مشاركة الذكور والإناث عند مستوى 50 نقطة مئوية تقريبا”.

واستندت بوستة في تحليلها لـمدى إدماج النساء في نسيج الفرص الاقتصادية بالمغرب إلى أحدث إحصائيات عام 2022 الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، إذ “بلغ معدل النشاط 19.8 في المائة للنساء، مع انخفاض تراكمي بنحو 30 في المائة من 2004 إلى 2022″، معتبرة أن ذلك جاء مطابقا لـ”تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين–إصدار 2022″، الذي بوأ المغرب المرتبة 139 عالميا من إجمالي 146 دولة من حيث “المشاركة والفرص الاقتصادية”.

وفي معرض ورقتها المنشورة بعيد الاحتفاء باليوم الأممي لحقوق المرأة، طرحت بوستة تساؤلات تعترض سبيل الإدماج الكامل للنساء في النسيج الاقتصادي الوطني، منها: “هل نواجه ظاهرة مجتمعية أم مجرد مشاكل نمو اقتصادي؟ وما هي الدروس التي يمكن استخلاصها من مختلف الدراسات والتحليلات التي أجريت في هذا الاتجاه؟ وما هي الأدوات الكفيلة باتباع سياسة أكثر كفاءة تؤدي إلى آثار دائمة لتحسين التمكين الاقتصادي للمرأة في المغرب؟”.

ونبهت الوثيقة البحثية ذاتها إلى أنه “رغم أننا في عز عصر التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتطورات التكنولوجية المتسارعة، فقد سجل فشل التقدم، حتى الآن، في سد الفجوات بشأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما تلك المتعلقة بتمكين المرأة”.

سياق تمكين النساء “غير محفز”

من أبرز ما لفتت إليه الورقة البحثية التي طالعتها جريدة هسبريس، السياق الذي تأتي فيه جهود المغرب من أجل تمكين المرأة، قبل أن تصفه الباحثة بأنه “سياق اقتصادي واجتماعي غير موات دائما”.

وفقا لبيانات عام 2021، يقدر عدد النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 25 و59 عاما بحوالي 2 مليون و652 ألفا في المجالات القروية، مقابل 5 ملايين و921 ألفا في المناطق الحضرية.

“على الرغم من انخفاض معدل المشاركة في المناطق الحضرية، لا تزال القوى العاملة الحضرية أعلى”، تسجل بوستة قبل أن تقيم مقارنة مثيلة بين عامي 2000 و2018، كاشفة في هذا الصدد “ارتفاع عدد النساء العاملات بمقدار 347 ألفا في المناطق الحضرية، مقارنة بـ 69 ألفا فقط في المناطق القروية، في أوساط الفئة العمرية سالفة الذكر”.

معدل “تأنيث الشغل”

مع ذلك، بعد تحليل معطيات وبيانات رسمية صادرة عن مندوبية التخطيط، تخلص بوستة إلى أن “معدل تأنيث أنشطة الشغل بالمغرب منخفض للغاية”.

كما “لا يزال سوق العمل مدفوع الأجر أو المعوض عنه ومباشرة الأعمال الحرة (أو أنشطة في القطاع الخاص) محدودا للغاية أمام المغربيات”، خاصة بالذكر صعوبة تأنيث العمل، لا سيما في المناطق القروية والنائية “المفتقرة إلى الفرص، والتي تظل متقلبة ومنخفضة الدخل”.

بحسب الورقة البحثية ذاتها، فإن “الحواجز المجتمعية والقوالب النمطية والوضع غير المدرسي، باعتبارها حواجز رئيسية، تحول دون حصول المرأة على الفرص الاقتصادية في السياق المغربي”، منبهة إلى أن “هذا صحيح، لكنه لا يأخذ في الاعتبار عوامل أخرى تبدو محددة بالقدر نفسه”.

وبالنظر إلى الفئة العمرية النشطة 25–59 سنة، لاحظت الورقة أن “معدل نشاط المرأة آخذ في الارتفاع في المناطق الحضرية، ولكن بمستوى منخفض نسبيا، بشكل لا يعوض الانخفاض في المناطق القروية”.

وضمن أبرز استنتاجاتها، ذكرت بوستة أن “تنمية سوق العمل والنمو الاقتصادي هما الرافعتان الحقيقيتان لإدخال تحسينات كبيرة على معدلات مشاركة المرأة”.

The post ورقة بحثية ترصد ضعف "ولوج المرأة إلى الفرص الاقتصادية" بالمغرب appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/GgW0AFk

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire