"التاريخ والقانون" .. كلية الآداب بالرباط ترسّخ حوار العلوم الإنسانية في الجامعة

دراسة لتقاطعات التاريخ والقانون، استقبلتها، الخميس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، بحضور باحثين ومؤرخين وقانونيين مغاربة وأجانب.

يناقش هذا اليوم الدراسي، باللغتين العربية والفرنسية، مواضيع من قبيل البحث التاريخي والأرشفة، والتشريع القانوني، ويقارب تاريخيا الحياة القانونية بالمغرب، وتجارب قانونية في المنطقة ذات الأغلبية المسلمة والعالم.

عبد العزيز الطاهري، رئيس شعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، قال إن هذا اليوم الدراسي يأتي في إطار سعي لـ”ترسيخ جسور التواصل والحوار بين التاريخ والعلوم الإنسانية، بمقاربة متعددة ومتكاملة التخصصات”.

وأضاف: “يحيل التاريخ على مَعنيين؛ فهو أحداث الماضي والحاضر، والعلم الذي يدرسها، كما أن للقانون دلالَتين، هما: القواعد المنظمة للحقوق والواجبات في جماعة بشرية ما، والعلم الذي يدرس تلك القواعد”.

وتابع: “قد يبدو للوهلة الأولى أن بينهما تباعد، بينما هما متقاطعان ومتكاملان في الواقع، رغم تمايز موضوعهما ومنهجهما ومقصدهما (…) قد يستحضر علم القانون السياقات التاريخية لإنتاج النص القانوني، لكنه يركز على دراسة البنية الداخلية للنص بغرض فهم مضامينه وتوجهاته وانعكاساته وتفسيرها، واستخلاص ما قد يكتنفه من ثغرات وتأويلات قد تكون مدعاة للصراع”، في حين “يولي علم التاريخ عناية بمواد القانون، لكنه يركز بالأساس على السياقات التي تنتَج فيها، وفاعليتها في الواقع، للإسهام في الإضاءة السياقية لوضع القانون وتطبيقه”.

وأردف قائلا: “القانون يصدر استجابة لحاجة تفرضها ظروف تاريخية، وفي هذه الحالة هو عامل مفسر لها، كما يمكن إخراج التاريخ من النصوص القانونية مثل الجريدة الرسمية بدولة من الدول، وبهذا هو من مصادر كتابة التاريخ، كما أن القانون يسهم في إنتاج الأحداث والتحولات فيصبح عاملا مفسرا للتاريخ، كما قد يكون موضوعا للتاريخ، وخاصة التاريخ القانوني، الذي هو من المداخل الأساسية لفهم التطور الحضاري، ويكتسي التاريخ أيضا أهمية كبرى في فهم القوانين الحالية، وتعديلها، أو سن أخرى جديدة.”

وواصل شارحا: “قد يكون التاريخ، بشكل مباشر أو غير مباشر، موضوعا للتشريع القانوني، فالأرشيفات، وإتاحة الوثائق الضرورية لكتابة التاريخ مؤطرة بنصوص القانون، والأمر نفسه بالنسبة للتراث المادي واللامادي الذي يعد مصدرا ثريا لكتابة التاريخ. وهناك قوانين تؤثر على الكتابة مثل تلك المتعلقة بالحريات العامة والولوج إلى المعلومات، بل هناك قوانين تتعلق حصرا بكتابة التاريخ وإنتاج الذاكرة مثل قوانين الذاكرة بفرنسا وإسبانيا التي أثارت جدلا بين المشرعين وكثير من المؤرخين الذين رأوا فيها تكريسا لتاريخ رسمي يتعارض مع الحياد الأكاديمي ويتعارض مع حرية الفكر.”

بدورها، تحدثت كلمة عمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، التي ألقاها مدير مركز الدكتوراه محمد السيدي، عن علاقة التاريخ بالقانون التي “قد لا تبدو ظاهرة وضرورية، لكنها حاصلة وواقعة، ويمكن الاستدلال عليها من خلال ما هو مدون؛ فالتاريخ إذا كان عبارة عن وقائع وقراءات في تلك الوقائع والأحداث معيشة مروية شفويا أو مدونة، فإنه لا ينفصل عن علاقته بالقانون الذي يعد خطابه خطابا أمريّا، عكس التاريخ القائم على السرد والحكاية والتأويل والقراءة”.

ثم استدرك قائلا: “مع ذلك، فإن تطور الأمم في تاريخها يُظهر تطور النصوص القانونية بتطور الوقائع، فليس القانون مستقرا جامدا بل هو لاحق، وتابع ومتابع لتطور الأحداث والوقائع التي يعيشها مجتمع من المجتمعات.”

وأكد المتدخل في الجلسة الافتتاحية لليوم الدراسي أن هناك تقاطعا أكيدا بين التاريخ والقانون؛ فـ”حياة الإنسان منذ البداية كانت منظمة بقوانين، دونها التاريخ ونقلها لنا، والمؤرخون هم المسؤولون عن حمايتها وتبليغها”، قبل أن يدعو الطلبة إلى استثمار نقاشات الموعد في أبحاث تحفر في هذه العلاقة.

The post "التاريخ والقانون" .. كلية الآداب بالرباط ترسّخ حوار العلوم الإنسانية في الجامعة appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/UE7QcVx

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire