المسجد الكبير بفجيج.. شاهد على القصف الفرنسي بعد دعم المقاومة الجزائرية

يعد المسجد الكبير الواقع بحي زناقة في قلب مدينة فجيج ضمن الجهة الشرقية للمملكة المغربية، تحفة معمارية ودينية، وقبلة روحية وتعبدية لساكنة المدينة.

المسجد الكبير من أكبر المساجد في إقليم فجيج، ومن المعالم الدينية العتيقة لما يزخر به من نقوش وزخارف مغربية بديعة وعريقة، بالإضافة إلى كونه من البنايات الشاهدة على مجموعة من الأحداث التاريخية التي عرفتها المنطقة، وعلى رأسها دعم ساكنة فجيج المقاومة الجزائرية لطرد الاستعمار الفرنسي.

شاهد على العصر

يعود تاريخ بناء الجزء الأول من هذا المسجد إلى سنة 1679، حسب شهادة محمد الزاوي، رئيس الجمعية التي تدير شؤون هذه المعلمة الدينية، مشيرا إلى أن المسجد في بدايته كان صغيرا وسقفه قصيرا، وتم توسيعه وإصلاحه سنة 1942 بعد شراء 10 منازل محيطة به.

خلال سنة 1903، أقدمت الدولة الفرنسية، التي طالما تغنت بحقوق الإنسان، على قصف صومعة المسجد الكبير بحي زناقة بمدينة فجيج، لكن لحسن الحظ لم يخلف القصف خسائر بشرية، وذلك ردا على ما كان أهل فجيج يقدمونه من دعم للمقاومة الجزائرية لطرد المستعمر الفرنسي بمنطقة بني ونيف، وفق رئيس جمعية المسجد الكبير.

وتساءل شاب تحدث لهسبريس: “هل نسيت الجزائر الدعم الكبير الذي قدمه أهل فجيج لها في فترة الاستعمار؟”، موردا: “التاريخ مدون ولا يمكن لأحد تغييره، خاصة التاريخ المكتوب بدماء شهداء المغرب من أجل استقلال وحرية الشعب الجزائري إبان الاستعمار الفرنسي”.

ووصف عبد الله اليحياوي، فاعل جمعوي بمدينة فجيج، القصف الفرنسي لصومعة المسجد الكبير بـ”العمل الإرهابي والعمل العدواني الذي يبرز وحشية الدولة الفرنسية بنظامها الحاكم ونظامها العسكري”، وقال: “فرنسا يجب أن تتحمل مسؤوليتها في مثل هذه الجرائم المرتبكة في حق مواطنين عزل”.

تاريخ مقاومة فجيج

وعن تاريخ مقاومة أهل مدينة فجيج، قال الطيب الجابري، عضو جمعية فجيج للتراث وثقافات الواحات مهتم بتاريخ المنطقة: “لقد حاول الأتراك غير ما مرة بسط نفوذهم على منطقة فجيج منذ نهاية القرن السادس عشر ولم يتمكنوا من ذلك إلا سنة 1779 ولمدة عشرين سنة، إلى أن تم طرهم في عهد السلطان مولاي سليمان العلوي سنة 1903”.

وأضاف الطيب، في تصريح لهسبريس، أن “أهل فجيج ساهموا في تحرير تغر وهران من يد الإسبان وذلك بتلغيم أسواره بطلب من داي وهران محمد بن عثمان الكبير التركي، كما أكد ذلك المؤرخ الفرنسي ليون روش في كتابه (32 سنة عبر التاريخ-1832-1864)”، الذي جاء فيه أن أهل فجيج لبوا النداء وتوجهوا إلى وهران معززين بالأسلحة والبارود، محملة على الجمال والبغال، وقاموا بحفر خندق تحت قلعة وهران.

وسجل المؤرخ ذاته وفاة 16 مجاهدا من فجيج خلال أشغال حفر الخندق، وأنهم استولوا على قلعة وهران وتحكموا في البحر، وبدأت عملية قصف الإسبان بالكور “الهاون”.

وفيما يخص فرنسا، فقد ساهم أهل فجيج في الجهاد إلى جانب الأمير عبد القادر كخبراء في زرع الألغام؛ ففي سنة 1836 استنجد الأمير عبد القادر المختاري الإدريسي بأهل فكيك من أجل تعليم المجاهدين فن تلغيم الطرق والمسالك أمام القوات الفرنسية، كما تشير إلى ذلك الوثائق الموجودة بفجيج وكما وثق أيضا المؤرخ الفرنسي ليون روش في كتابه “عشر سنين عبر الإسلام”، يضيف الطيب الجابري.

وأضاف المتحدث ذاته أن من بين الشواهد التاريخية، تواجد مجموعة مقرات بفجيج استقبلت المقاومة الجزائرية حتى أصبحت المدينة قاعدة خلفية لها، ذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، مركز قصر العبيدات، وقصر زناكة، والحمام الفوقاني، وكذلك غار المقاومة والغار الأزرق، و”بلازون”، بالإضافة إلى المساعدات الغذائية.

The post المسجد الكبير بفجيج.. شاهد على القصف الفرنسي بعد دعم المقاومة الجزائرية appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/ei5Fuxl

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire