جامعيون يضعون في ندوة بالبيضاء "جدلية الموت والسياسة" تحت المجهر

شكّلت ثنائية “الحياة والموت” في المشهد السياسي المغربي محور ندوة ثقافية نُظمت بمدينة الدار البيضاء، مساء السبت، بحضور عدد من الأساتذة الجامعيين الذين ناقشوا مضامين كتاب الباحث محمد شقير حول “جدلية الموت والسياسة بالمغرب”.

وفي تقديمه عناصر المؤلف السياسي، قال محمد شقير إن “كل القيادات السياسية اعتمدت على ظاهرة الموت لمراكمة شرعيتها السياسية، بما يشمل الملوك المغاربة”، مبرزاً أن “ضريح محمد الخامس على سبيل المثال يرسّخ ظاهرة الموت في الحياة السياسية”.

وأضاف شقير أن “ضريح السلطان الراحل محمد الخامس يرمز للشرعية السياسية التي تتمتع بها الملكية باعتبارها محور النظام السياسي المغربي”، لافتاً إلى أن “الموت يعد أحد محددات الشرعية السياسية بالمغرب، حيث ارتبط بصراع مرير أعقب مرحلة الاستقلال”.

وأردف الباحث ذاته بأن “ذلك الصراع استعملت فيه كل الآليات المفضية إلى الموت، بما يشمل الاختطاف القسري والتصفية الجسدية والوسائل القمعية المتعددة والتمرد السياسي”، مبرزاً أن “الموت كان حاضراً بقوة في النظام السياسي، حيث استُعمل لضرب المعارضة السياسية من جهة، فيما وظفته المعارضة لمواجهة النظام من جهة ثانية”.

وواصل المتحدث بأن “السلطة السياسية تتفاعل مع المشهد الوطني من خلال الجنازات السياسية”، وزاد: “عندما يكون هناك رضا مخزني عن شخصية سياسية تُبعث برقية تعزية أو تحضر شخصية قوية للجنازة، بينما يتم التعتيم على الجنازة إذا تعلق الأمر بشخصية معارضة”.

أما عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، فأورد أن “الموت نظر إليه الكاتب بوصفه لحظة من لحظات الممارسة السياسية، بخلاف نظرة المجتمع إليه على أنه نوع من أنواع الخوف والرهاب”، مشيرا إلى “تجاوز الكاتب لحظة الحزن في قراءته لهذه اللحظة التي تختزن دلالات سياسية مهمة”.

وأوضح قراقي، في شرحه لعناصر المؤلَّف، أن “الكتاب رحلة في العمل السياسي المغربي، حيث تحدث الباحث عن الموت السياسي انطلاقاً من معطيات علمية دقيقة، ثم ساءل مضامين هذه الظاهرة السياسية من خلال الممارسات الكائنة بالمشهد الوطني”.

فيما ذكر محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، أن “ظاهرة الموت تلعب دوراً في تكريس الرمزية الوطنية من خلال عدة مرتكزات وقف عندها صاحب الكتاب، ويتعلق أولها بالاستئثار بالرمزية السياسية”.

واستطرد الزهراوي: “المؤسسة الملكية احتكرت الرمزية النضالية بالمغرب عبر العملية الفدائية على سبيل المثال، وكذا الخطب الملكية التي تؤكد الموروث التاريخي المرتبط بالرصيد النضالي”. أما المرتكز الثاني فلخصه الأستاذ الجامعي في “الإشراف على النصب التذكارية”.

المرتكز الثالث لتكريس الرمزية الوطنية أجمله المتحدث ذاته في “حركة المقاومة التي انتهت بحسم الصراع لصالح المؤسسة الملكية بعد احتواء الحركة الوطنية”؛ فيما يتمحور المرتكز الرابع حول “احتكار الرموز الوطنية المرتبطة بالسلطة السياسية”.

وفي هذا السياق، أشار الأستاذ الجامعي إلى “حضور ثنائية التنافس الرمزي والرصيد الرمزي في الكتاب، حيث يرى الباحث أن التنافس الرمزي يحيل على استعراض الإرث النضالي المتعلق بالشهداء، فيما يرتبط الرصيد الرمزي بالزعامات”.

وبهذا الشأن، أضاف الباحث نفسه أن “الموت يعتبر إطارا للاستمرارية السياسية المتمثلة في تشييد السلاطين للمقابر والأضرحة التي تؤرخ لاستمرارية النظام”، خاتما بأن “الموت يكون هنا جسدياً فقط، والدليل على ذلك مقولة مات الملك، عاش الملك”.

The post جامعيون يضعون في ندوة بالبيضاء "جدلية الموت والسياسة" تحت المجهر appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/dou8avn

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire