بقلب مدينة مريرت، يقع مركز استقبال الأشخاص المسنين (دار العجزة)، الذي يأوي في هذه الأيام الباردة 14 رجلا وامرأة تتجاوز أعمارهم الستين سنة، ويوفر لهم الإطعام والتطبيب، وأيضا الحنان والعطف المفقودين وهم أحوج إليهما في هذه الفترة من حياتهم.
مركز بسيط لكنه مجهز بشكل جيد بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (عمالة إقليم خنيفرة)، وبمجرد أن تلج بوابته يقابلك عدد من المسنين (آباء وأمهات) استقرت بهم الأقدار في هذا المكان الذي يفتقد إلى حنان الأبناء وعطف الأحفاد، خاصة في مجتمع طالما تغنى بالترابط والتراحم بين أفراد الأسرة الواحدة.
أسباب كثيرة دفعت هذه الفئة إلى الاستقرار في “دار العجزة”، منها أسباب “مقنعة” كعدم إنجاب الأبناء أو رحيلهم عن دار الدنيا، وأخرى “مؤلمة” كالطرد من بيوتهم لأنهم باتوا مسنين.
تساهم هذه المؤسسات الاجتماعية، التي تم إحداثها في أغلب مناطق المغرب بتمويل من الورش الملكي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في توفير ظروف اجتماعية وصحية في المستوى المطلوب لراحة هذه الفئة التي تستقبل زوارها بوجوه شاحبة وأجسام أنهكها تعب السنين في تربية الأبناء “مساخيط الوالدين”.
جمال اليحياوي، فاعل حقوقي، قال إن “دور العجزة في المغرب أصبحت تأوي فئات من الرجال والنساء راحوا ضحية لفلذات أكبادهم بعد سنوات من التربية والكفاح من أجلهم”، مشيرا إلى أن “من يرمي والديه في الشارع، لا يمكن تسميته بالإنسان، وكلمة حيوان أيضا لا يستحقها”، وفق تعبيره.
وأضاف الحقوقي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن مثل هذه القصص المؤلمة “يجب على الإعلام، سواء الرسمي أو غير الرسمي، إعطاءها أهمية كبيرة، مع ضرورة فضح مثل هؤلاء المساخيط ليكونوا عبرة، وللمساهمة في خفض نسبة الأشخاص الذين يتم استقبالهم سنويا في دور العجزة”، مؤكدا: “يجب على الدولة أن تقر قانونا يمنع الأبناء من طرد والديهم من البيوت وتفرض عليهم توفير السكن والطعام والملبس لهم طيلة حياتهم”.
داخل “دار العجزة” بمدينة مريرت يعيش مسنون قدموا من مختلف مناطق المغرب، ويتم التكفل بهم من طرف المؤسسة الاجتماعية ذاتها بالرغم من العجز المالي الذي تعاني منه وتراجع مساهمة المحسنين، وهو ما دفع القائمين على تدبير شؤون المؤسسة إلى مناشدة المحسنين في إقليم خنيفرة وفي جميع مناطق المغرب المساهمة ماديا ومعنويا في خدمة هذه الفئة الهشة.
مصطفى زوين، مدير مركز استقبال الأشخاص المسنين بمريرت، قال إن “المؤسسة تحاول ما أمكن تقديم الدفء الأسري المفقود لدى هذه الفئة بسبب التخلي عنهم من طرف عائلاتهم وأبنائهم”، مضيفا: “نحن نقوم بالواجب وأكثر لإرضاء هؤلاء الأشخاص”.
ونوه المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، بمجهودات السلطة الإقليمية “التي تقدم دائما يد المساعدة للمركز من أجل خدمة هذه الفئة من المجتمع، وكذلك الجمعيات والمحسنين”، داعيا هؤلاء إلى “زيارة هذه المؤسسة للوقوف على الخدمات التي تقدمها لهذه الشريحة من المجتمع، والمساهمة ماليا ومعنويا لوجه الله ومن أجل الإنسانية”.
قصص مختلفة داخل هذه المؤسسة الاجتماعية، لكن مصير أصحابها يبقى واحدا، وهو رفضهم من طرف العائلات أو الأبناء لكبر السن أو لمرضهم أو لخصام بين الأم والأب أو لعدم القبول بهم من طرف زوجات الأبناء، حيث فتح بعض النزلاء قلوبهم لهسبريس ليحكوا صوتا وصورة عن مأساتهم.
The post "دار العجزة" توفر الرعاية لمسنين في وضعيات اجتماعية هشة بمدينة مريرت appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/r0xPW6m
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire