أصدر المخرج المغربي زهير الحارثي فيلما وثائقيا قصيرا يحمل عنوان “الفال.. البركة” يوثق من خلاله للحظات فارقة واستثنائية من فرحة المواطنين المغاربة بشوارع الدار البيضاء للإنجاز التاريخي وغير المسبوق لـ”أسود الأطلس” خلال فعاليات كأس العالم لكرة القدم لسنة 2022 بقطر، وتأهلهم إلى نصف النهائي كأول فريق عربي إفريقي يصل إلى هذه المرتبة.
“اشتغلت من قلبي بحب وشغف كبيرين”.. بهاته الكلمات يصف زهير الحارثي، في حوار مع هسبريس، تفاصيل إنجازه للوثائقي، ويتحدث عن كواليس تصويره والهدف منه، إضافة إلى الأجواء التي عاشها وراء الكاميرا وهو يوثق بعدسته لمشاهد فرحة خالدة.
بداية، عرفنا بنفسك..
أعمل في الإخراج، وأشتغل منذ أزيد من 11 سنة في عالم الإنتاج، لدي شركة إنتاج خاصة، وأشرفت على إخراج مشاريع كبرى في المغرب؛ مثل تظاهرة كوب22 التي كنت المسؤول عن تزويد صفحاتها على منصات التواصل بالصور والفيديوهات، كما اشتغلت في مشروع ملف المغرب لتنظيم مونديال 2026 وكنت مكلفا بالفيديوهات والحوارات المنشورة على الصفحة. كما أشرفت على إخراج وإنتاج محتوى الموقع الرسمي للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش منذ سنة 2016.
كما واكبت أيضا مسارا مهنيا بمجموعة من البرامج التلفزيونية والشركات الشهيرة؛ لكن كانت لدي دائما رغبة قوية وإرادة للاشتغال على مشروع أبين من خلاله رؤيتي الفنية الإبداعية الخاصة.
كيف جاءت فكرة تصوير وثائقي “الفال.. البركة”؟
نحن فريق مكون من ثلاثة أشخاص، أنا وابن عمي مروان الحارثي وصديقنا في أمريكا.. وبما أن إنجاز المغرب كان تاريخيا أردنا بدورنا تقديم عمل تاريخي. لذلك، لم نرغب في تصوير فقط الاحتفالات؛ فهناك مجموعة من الزملاء الذين قاموا بمثل هذا الخطوة.. نحن أردنا تسليط الضوء على زاوية مختلفة تماما لفرحة المغاربة بإنجاز المنتخب.
ما هو الهدف المقصود من الوثائقي؟
هدفنا في الأصل هو إظهار تأثير كرة القدم في المجتمع ومدينة الدار البيضاء خصوصا وفي المواطنين أيضا، على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وإظهار كيف أن الناس رغم الظروف الصعبة التي يمر منها المغرب وغلاء الأسعار تخلصوا من كل شيء وركزوا خلال تلك الفترة فقط مع المنتخب؛ وهو ما خلق جوا مليئا بالفرحة والصدمة والأحاسيس المختلطة التي أردنا إيصالها إلى الناس لنقول لهم إن هذا هو تأثير الكرة الحقيقي، وهو أيضا رد كذلك على أولئك الذين يقولون ماذا أعطتك الكرة أو فيما ستنفعك.
المقصود من هذا الوثائقي هو ترسيخ فكرة أن كرة القدم ليست مرتبطة بلعبة؛ ولكنها تخلق جوا جميلا في البلد وتحرك عجلة الاقتصاد، فوجدنا الشباب يبيعون الأعلام الوطنية والموظفون ذاهبون لعملهم وتفكيرهم كله مع المنتخب، بائع الخضر والفواكه يشتغل والبسمة لا تفارقه، والجميع لديه أمل في الفرحة والانتصار.
قربنا أكثر من كواليس التحضير للعمل..
بداية الفكرة كانت أن أجد رجلا عاش جميع إنجازات المغرب في كأس العالم ولديه مقهى ويستفيد اقتصاديا من مباريات المنتخب لكي أظهر أن كرة القدم تحرك اقتصاد البلاد وتجعل الناس يستهلكون؛ ولكن على بعد يومين أقنعني ابن عمي مروان، وهو صاحب فكرة التصوير داخل سيارة أجرة صغيرة، أن في هذه الأخيرة سنجد الكثير من المواطنين ومن فئات عمرية مختلفة ومن مناطق عديدة من الدار البيضاء لكي نبين التأثير الإيجابي للمباريات على المغاربة.
استندت كذلك، في بداية العمل، على مقولة للملك الراحل الحسن الثاني حول الثقة في النفس؛ وهو ما ظهر جليا في الروح العالية التي تمتع بها المنتخب طيلة المباريات التي خاضها. كما أدرجت في الأخيرة استقبال الملك محمد السادس لـ”أسود الأطلس” بعد عودتهم إلى أرض الوطن؛ لإظهار أيضا أنه رغم الإقصاء فالمغاربة أجمعين فخورون بما حققوه.
كيف وقع الاختيار على التصوير داخل سيارة الأجرة الصغيرة؟
فكرة سيارة الأجرة جاءت من منطلق أنها تقل بشكل يومي الكثير من الناس وهي ساحة للنقاش في جميع المواضيع، أي سنجد أفكارًا وآراء مختلفة؛ فكل واحد ووجهة نظره للمونديال، وبين شعور الفرحة والصدمة يكمن الاختلاف الذي نبحث عنه.
كما اخترت داخل سيارة الأجرة أيضا تسليط الضوء على شعار “سير سير” الذي تبناه الناخب الوطني وليد الركراكي، حيث اخترت إدراجه في الوثائقي تيمنا به ولإبراز أن الشعار ينطبق أيضا على سائق سيارة الأجرة الصغيرة التي مع دوران عجلتها يزداد عداد السعر.
ألا يمكنك أن تبسط لنا أجواء تصوير مشاهد الوثائقي؟
أولا، اخترت بداية التصوير انطلاقا من الخامسة صباحا وصورت كل المشاهد في يوم واحد فقط، بحيث ذهبت مع سائق سيارة الأجرة وتقمصت دور عين إنسان انتقل من منزله إلى سيارة الأجرة ويشاهد حياة سائق في البيضاء كيف تمر، وعن طريق نمط حياته وعلاقته مع الراكبين من مختلف الطبقات، سرقت لحظات استثنائية ستبقى خالدة ومشاهد حقيقية لفرحة المواطنين والطاقة الإيجابية التي كانت سائدة.
وبصفتي مخرج ومصور وموضب الفيلم شاهدت الأجواء قبل المباراة وعشت كل اللحظات في عيون الناس؛ فحتى المباراة الحاسمة التي جمعت المغرب مع إسبانيا شاهدتها داخل العيون وليس على الشاشة، وأردت توصيل ردود الأفعال إلى الجميع لكي يشعروا بحلاوة الموقف ويشاهدوا من بعد أنفسهم وهم يتفرجون.. وهدفي الأساس هو إظهار كيف أن كرة القدم أوصلتهم إلى كل هذه الأحاسيس.
وكمواطن مغربي ضحيت ولم أشاهد المباراة في التلفاز؛ لكن الأحاسيس وصلتني من عيون الناس، وهو الأمر الذي أردت إيصاله بدوري.. فبالرغم الإقصاء في نصف النهاية، فإن الجميع خرج فخورا وراضيا وصفق بحرارة لإنجاز المنتخب التاريخي.
كلمة أخيرة..
الوثائقي اشتعلت عليه من أعماق قلبي وبكل حب وشغف ووطنية عالية، رغبة مني في تقديم زاوية مختلفة لهذا الحدث التاريخي وتقريب المشاهد من الأجواء الحقيقية التي خلقتها كرة القدم بالبلاد.
The post زهير الحارثي: فيلم "الفال .. البركة" يوثق الإنجاز المغربي في كأس العالم appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/Kr8c9tZ
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire