تعثر مشاريع تنموية يثير التذمر في مدينة مراكش .. والجماعة تعد بالاستدراك

ما إن أعطيت الانطلاقة للمحطة الطرقية الجديدة بمدينة الرباط، كمشروع يهيكل المدخل الجنوبي لعاصمة المملكة المغربية، سيساهم في تحديث قطاع النقل بين المدن وتعزيز إشعاع صورة المدينة وتعزيز جاذبيتها، والشروع في استعمال الممر تحت أرضي الجديد قرب ضريح محمد الخامس للتخفيف من أعباء التنقل اليومي في ظل الضغط المروري، حتى تعالت أصوات المراكشيين للتساؤل عن سبب تعثر المشاريع التنموية التي وقعت أمام ملك البلاد، وتأخر بعضها لأكثر من 10 سنوات.

خاب ظن السكان

محمود هرواك، فاعل جمعوي بمدينة مراكش، قال: “بلغ المواطن المراكشي حالة عارمة من الاستياء غير المسبوقة بسبب تردي أوضاع المدينة الحمراء التي رجعت سنوات إلى الوراء، وللأسف كانت انتظارات المراكشيين كبيرة بانتخابهم فاطمة الزهراء المنصوري رئيسة للجماعة، لكنها كمسؤولة أضحت شبه غائبة وتكتفي بتكليف نوابها”، مضيفا أن “غياب التواصل والانفتاح على المجتمع المدني والاعلام، جعل أهل هذه المدينة يقررون الانتفاض ضد الصورة المتردية التي أضحت عليها هذه الوجهة السياحية”.

وتابع هرواك في تصريحه لهسبريس، قائلا: “لا الشوارع معبدة ولا نظيفة، ولا الإنارة العمومية في المستوى المطلوب، ورغم ذلك يلاحظ صمت غريب لمجموعة من الأصوات كالمؤثرين والفاعلين المدنيين والسياسيين الذين كانوا في الأمس القريب لا يدخرون جهدا في توجيه سهام النقد إلى محمد العربي بلقايد، الرئيس السابق لجماعة مراكش، لكنهم اليوم ابتلعوا ألسنتهم، وهذا ما جعل المواطن المراكشي يفقد الثقة”.

وأردف الفاعل الجمعوي والسياسي ذاته أن “هذا النقاش يفتح في هذه الأيام المطلة على أعياد رأس السنة التي تجذب مشاهير العالم من السياسة والفن والرياضة إلى مدينة مراكش باعتبارها مدينة تملك مقومات سياحية قوية، وهي فضاء يشفي غليلهم، لكن بحضورهم هذه السنة سيكتشفون حقيقة هذه المدينة التي يطرح أكثر من سؤال حول مصيرها مع هذا المجلس الجماعي”.

الضحك على الذقون

وفي تصريح مماثل، عدد وهيب اليتريبي، المتيم بحب مراكش، النقط السوداء التي تشكو منها عاصمة الجنوب في صمت، من قبيل “الطرقات المهترئة، والإنارة الضعيفة، والمشاريع المتوقفة مثل مشروع المحطة الطرقية الذي عمر 10 سنوات، وخلال هذه المدة تمكنت دولة قطر من إنجاز بنية تحتية متنوعة لاستقبال كأس العالم، وتعثر برنامج الحاضرة المتجددة”، وزاد قائلا: “هذا التدبير الجماعي ضحك على ذقون المراكشيين، لأن ما تقوم به حاضرة الأنوار هو العبث بعينه، فالأعمدة طويلة ما يجعل المصابيح لا تؤدي وظيفتها، وهذا مخالف لدفتر التحملات”، وفق تعبيره.

وشبه الفاعل الجمعوي مدينة مراكش بملعب للكولف، كناية عن كثرة الحفر بطرقاتها وشوارعها، مشيرا إلى “إشارات المرور المهترئة حتى بالشوارع الرئيسية من قبيل شارع عبد الكريم الخطابي وشارع محمد السادس وشارع محمد الخامس، والمطبات العشوائية”، موردا أن “سنة ونيف مرت على هذا المجلس ولا جديد يذكر ولا قديم يعاد، لأنه مؤسسة انتخبت لتكتفي برفع الشعارات، مقارنة مع المجلس الجماعي بمدينة الرباط ومجلس العيون عاصمة الصحراء المغربية، بينما مدينة مراكش كل شيء فيها متوقف، إلى جانب معاناة البلدية والمقاطعات من غياب المراقبة”.

الثقافة بالدراهم

خليفة الشحيمي، الذي عايش مجالس جماعية كمستشار أو فاعل سياسي، قال: “تلقينا باندهاش كبير خبرا غير سار يتعلق بالاستغناء عن قرار مجانية قاعات الندوات والمحاضرات، ونحن كنا نشيد بتوفر مدينة مراكش على بنيات ثقافية ورياضية تستجيب لمتطلبات الساكنة، لكن مع كامل الأسف خاب ظننا في هذه القرارات المجحفة في حق الفعل الثقافي الذي يحتضر وهناك محاولات للإجهاز عليه بالمرة، خصوصا ونحن نعيش تجربة وحدة المدينة والتنشيط الثقافي الذي أسند تدبيره لمجالس المقاطعات، مؤسف جدا ونحن نخلد الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية ومازلنا نعيش على أزمة الفعل القرائي”.

وذكر الشحيمي أن “المجلس الجماعي فرض مبالغ مالية تؤدى إلى الخازن الإقليمي عن استغلال القاعات الجماعية من أجل تنظيم المحاضرات والندوات والأنشطة الفنية وغيرها، حيث حدد مبلغ 2000 درهم لاستغلال القاعة الكبرى متعددة الاختصاصات بقطب المواطن المحاميد من طرف الشركات والوكالات والمدارس الحرة والفرق المحترفة والجمعيات، و200 درهم لاستغلال قاعة الندوات بخزانة هذا القطب، ومثلها للبهو الأمامي، وقاعة الاجتماعات بالخزانة الوسائطية سيدي يوسف بن علي والنخيل والقاعة متعددة الاختصاصات بباب الخميس، و300 درهم لقاعة الورشات بقطب المواطن المحاميد”.

مراكش في حلة جديدة

وعما أحرق قلوب المراكشيين، أرجع محمد الإدريسي، النائب الأول لرئيسة المجلس الجماعي، تأخر مشروع المحطة الطرقية، التي ستنجز بميزانية تقل بكثير عن الغلاف المالي الذي خصص لمحطة مدينة الرباط، إلى “ضرورة إجراء تعديلات في التصميم الأولي من أجل تحسين هذا المرفق الجماعي حتى يكون في المستوى الدولي والإفريقي، من قبيل تجهيزها بالطاقة الشمسية والرقمنة، وتوسيع الشارع المؤدي إليها من طريق الدار البيضاء، الذي سيتسع لحوالي 3000 أو 4000 مركبة”، وفق تعبيره.

وأضاف الإدريسي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “انطلاقة مشروع إصلاح الطرقات (42 طريقا) أعطيت خلال شهر نونبر الماضي، وسيتم الانتهاء من الأشغال خلال شهر أبريل المقبل، بغلاف مالي يقدر بحوالي 25 أو 30 مليار سنتيم، ومن هذه الطرقات ما يحتاج إلى التقوية وأخرى سيعاد تبليطها”، وربط التأخر بكون “المجلس اختار في إطار ترشيد النفقات بناء تدخلاته على نتائج مكاتب الدراسات، وبطريقة مندمجة واحتراما لمقاربة العدالة المجالية وبتنسيق مع المقاطعات، بحيث سيتم تعبيد الطرق والعناية بالتشوير والمناطق الخضراء التي اعتمد فيها منطق الأولويات”.

وأوضح المسؤول الجماعي أن “المجلس الذي تولى المسؤولية سنة ونصف، كان أمام تحدي إطلاق المشاريع بطريقة مندمجة وتشاركية مع مجالس المقاطعات، باعتبار ذلك توجها له، وانطلاق الدراسات وتحديد الأولويات والبحث عن الموارد المالية التي تكلفت بها فاطمة الزهراء المنصوري رئيسة المجلس”، وزاد مؤكدا أن “أهل مراكش لن يتعرفوا على مدينتهم بحلول سنة 2023″، على حد تعبيره.

تحدي الجفاف

وعن المناطق الخضراء قال عبد الله الفجالي، النائب الثاني لرئيسة جماعة مراكش المفوض إليه تدبير المساحات الخضراء والتنشيط الرياضي، في تصريح سابق لهسبريس، إن “قلة التساقطات تفرض علينا تدبير ما نتوفر عليه من المياه بعقلانية وحكمة، وأن نحافظ في الآن نفسه على المناطق الخضراء، وهذا أكبر تحدٍّ نعيشه خوفا من أن تتعرض هذه الفضاءات للضياع”.

مشاريع ضخمة

عبد الواحد الشفاقي، رئيس مقاطعة المنارة مراكش، أوضح من جهته أن مشاريع كبرى ستنطلق بهذه المدينة، بغلاف مالي يناهز 1500 مليار سنتيم، قائلا: “يتوفر المجلس الجماعي حاليا على سيولة مالية لتمويل هذه المشاريع بقيمة 930 مليار سنتيم”، مضيفا أن “الأشغال انطلقت بمنطقة العزوزية وستنطلق بالحي الصناعي وحي المسار، كما سترى النور مجموعة من المشاريع خلال شهر يناير المقبل، وبذلك ستكون المدينة الحمراء في حالة أفضل”، على حد قوله.

يذكر أن فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة جماعة مراكش، تقوم بين الفينة والأخرى رفقة والي جهة مراكش آسفي، كريم قسي لحلو، بزيارات ميدانية إلى هذه الأوراش، كانت آخرها يوم الخميس الماضي، للوقوف على مدى تقدم الأشغال وجودتها، شملت سوق السمارين والأسواق المحيطة به في إطار تثمين المدينة العتيقة، ومتحف التراث اللامادي بساحة جامع الفنا، ومدخل ضباشي الذي سيعرف انطلاق أشغال إعادة الواجهات واستبدال الغطاء الحديدي كباقي الممرات القديمة، والبياضين، وسوق الرحبة الذي انتهت به الاشغال، وفندق اللبن وفندق الغرابلية وفندق بنشبابة، لتسليم المفاتيح للمستفيدين من عملية الترميم بعد الإصلاحات التي شملت مجموعة من فنادق المدينة العتيقة.

The post تعثر مشاريع تنموية يثير التذمر في مدينة مراكش .. والجماعة تعد بالاستدراك appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/wjdaYqs

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire