هيئات مهنية تلوح بوقف الأنشطة بسبب المستجدات الضريبية في مشروع المالية

بينما تواصل الحكومة التفاوض مع المحامين بشأن الإجراءات الضريبية الجديدة التي جاء بها مشروع قانون المالية لسنة 2023، أعلنت أربع هيئات مهنية تمثل المهندسين المعماريين والمساحين الطوبوغرافيين والأطباء البياطرة والمحاسبين المعتمدين رفضها لـ”الضريبة من المنبع”، وهدد بعضها بوقف أنشطته في حال عدم فتح الحكومة للحوار معها.

جاء ذلك في ندوة صحافية نظمتها، مساء الأربعاء بالرباط، الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين، وشاركت فيها ثلاث هيئات أخرى، هي الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطوبوغرافيين والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة والمنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين.

“نجتمع هنا من أجل التنديد بالمقتضيات الضريبية التي جاء بها مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، وننتظر من الحكومة أن تفتح معنا قنوات التواصل من أجل التفاوض والتشاور حول هذا المشروع للوصول إلى حلول متوافق عليها”، قال شكيب بن عبد الله، رئيس المجلس الوطني للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين.

ودعت الهيئة، في بلاغ صادر عنها، المهندسين المعماريين إلى إيقاف إيداع ملفات طلب تراخيص مشاريع البناء، عبر المنصة الرقمية المخصصة لهذا الغرض، ابتداء من 5 دجنبر إلى أجل غير مسمى، والتوقف عن المشاركة في المباريات المتعلقة بالصفقات العمومية.

وذهب سمير الإدريسي، عضو المجلس الوطني للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين، إلى القول، جوابا عن سؤال لهسبريس بهذا الخصوص، “إن التصعيد بالنسبة إلينا أمر اضطراري وليس اختيارا؛ لأن المسألة هي مسألة حياة أو موت”، مشيرا إلى أن من بين الاختيارات المطروحة التوقف عن العمل.

وقال الإدريسي إن الضريبة على الأرباح المحددة حاليا في 38 في المائة بالنسبة للأشخاص الذاتيين، و30 في المائة بالنسبة للأشخاص المعنويين، سترتفع بالضعف، في حال تطبيق المقتضيات الجديدة الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2023، وستصل إلى 76 في المائة و60 في المائة، على التوالي، “ولهذا، نقول إن المسألة مسألة حياة أو موت بالنسبة إلينا”.

وتركت الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين الباب مواربا أمام جميع الاحتمالات، حيث أكد الإدريسي أن الهيئة تنتظر من الحكومة أن تفتح معها باب الحوار، “ويبقى المجال مفتوحا لأي أشكال تصعيدية في حال استمرت الحكومة في اتباع سياسة الآذان الصماء”، على حد تعبيره.

وأضاف: “نحن تقنيون ولسنا سياسيين، ولا نريد أن ندخل في مخاضات سياسية والتطرق إلى مقتضيات أخرى في مشروع قانون المالية، وما نناضل من أجله هي أمور تهمنا مباشرة كتقنيين وكعنصر رئيسي في المنظومة الاقتصادية، وكجزء من الطبقة الوسطى التي تشكل صمام أمام لاستقرار المجتمع، والتي يجب على الحكومة أن تحميها”.

الضريبة من المنبع التي أقرتها الحكومة في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة ستدفع أيضا المهندسين المساحين الطوبوغرافيين أيضا إلى التوقف عن العمل؛ وهو ما أكده خالد اليوسفي، رئيس الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطوبوغرافيين، بقوله: “هذا المقتضى الضريبي سيكون له وقع سلبي جدا على قطاعنا، الذي يوفر حوالي ستين ألف منصب شغل”، لافتا إلى أن “التوقف عن العمل هو أقل شيء يمكن القيام به في ظل غياب الحوار مع الحكومة، وهذا شيء لا يطاق”.

وأوضح اليوسفي “رقم المعاملات يتكون من ثلاثة أجزاء هي مصاريف الموارد البشرية، والمصاريف العادية للمقاولة، وجزء يتم صرفه في الاستثمار، ثم الأرباح، التي نؤدي عنها الضريبة بشكل عادي. أما الآن، فإن اقتطاع الضريبة من رقم المعاملات عوض الأرباح يعني أننا لن نفكر مستقبلا في الاستثمار ولا في إحداث مناصب شغل، بعد أن قاومنا للحفاظ عليها طيلة فترة جائحة كورونا”.

واعتبر المتحدث ذاته أن المرتفقين هم الذين سيتضررون في حال تطبيق الاقتطاع الضريبي من رقم المعاملات؛ لأن المقاولات ستحسب عليهم الزيادة الضريبية التي تريد الحكومة تطبيقها، إضافة إلى المؤسسات العمومية أو شبه العمومية، حيث سيتم التعامل معها بالمثل في عمليات المسح الطوبوغرافي لفائدتها.

ويُرخي الاقتطاع الضريبي من المنبع بنتائج وخيمة على قطاع الطب البيطري في القطاع الخاص، إذ قال منير الهواري، أمين مال الهيئة الوطنية للبياطرة: “الإجراءات الضريبية الجديدة سيكون من نتائجها الطبيعية تداعيات عديدة، حيث سيتخلى الأطباء البياطرة عن القيام بعدد من المهام التي يقومون بها حاليا في صمت وبدون مقابل؛ كالحملات التلقيحية للحيوانات، والتي تشمل الآن حتى الكلاب الضالة”.

وأضاف: “الأطباء البياطرة، ولا سيما الذين يعملون في القطاع الخاص، يشتغل أغلبهم في المجال القروي، ودورهم مهم جدا في حماية الصحة الحيوانية الوطنية من الأمراض، ويضمنون مردودية القطيع بما يضمن الأمن الغذائي للبلاد من اللحوم والبيض والحليب ومشتقاته، لا سيما في ظل توالي الجفاف والأزمات العالمية الراهنة”.

وحذر الهواري الحكومة من أن تطبيق المقتضيات الضريبية الواردة في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة “سيدفع الأطباء البياطرة إلى التخلي عن حملات تلقيح الحيوانات التي تقي من إصابة المواطنين بمجموعة من الأمراض الخطيرة، وإلى الهجرة من العالم القروي إلى المدن والبحث عن العمل مع الدولة، أو الهجرة إلى الخارج، خاصة أن دولا مثل فرنسا وكندا تبحث عن الأطباء البياطرة”.

وشدد ممثلو الهيئات المشاركة في الندوة على أنهم “ليسوا ضد أداء الضريبة”؛ ولكنهم يرفضون الاقتطاع الضريبي من المنبع، “لأنه سيكون وبالا علينا”، حسب تعبير أمين مال الهيئة الوطنية للبياطرة، مضيفا: “نحن لا نتهرب من أداء الضريبة؛ ولكننا نطالب بحوار مع السلطات لإقرار نظام ضريبي تراعى فيه خصوصية كل مهنة على حدة”.

الموقف الرافض للمقتضيات الضريبية الجديدة عبرت عنه أيضا المنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين، منتقدة على لسان العلوي محمد، المستشار بالمجلس الوطني للمنظمة، عدم إشراك الحكومة للهيئات المهنية في التشاور قبل إقرار أي إجراءات ضريبية جديدة.

وقال العلول إن المحاسبين المعتمدين يعملون في مكاتب صغيرة، “وإذا تم اقتطاع عشرين في المائة كضريبة من رقم المعاملات فلن يتبقى لهم شيء”.

وأردف قائلا: “منظمتنا تشارك دائما مع الحكومة في وضع المشاريع المتعلقة بعدد من التشريعات، ومنها المتعلقة بمحاربة غسيل الأموال ومحاربة الإرهاب؛ ولكننا لم نُستشر في الإجراءات الضريبية الجديدة.. وقد طالبنا بالحوار مع وزيرة الاقتصاد والمالية، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية؛ ولكن لا حياة لمن تنادي”.

The post هيئات مهنية تلوح بوقف الأنشطة بسبب المستجدات الضريبية في مشروع المالية appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/nPgyJM3

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire