هذه أبرز توصيات واقتراحات خبراء قصد ضمان الأمن المائي في المغرب

في “كتاب أبيض” ستصدر نسخته الكاملة قريبا، قرع مجموعة من الخبراء الباحثين في مجال الماء جرس الإنذار حول ضمان الأمن المائي بالمغرب، مستندين إلى إحصائيات ودراسات أثبتت تواصل تسجيل “عجز مخيف” في مخزون أكثر المواد حيوية.

“المجموعة الفرعية للماء”، التي شكلها 30 خريجا من معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط سنة 2018، خلصت، في وثيقتها التي تطلب العمل عليها عامين، إلى تقديم توصيات واقتراحات تتوزع على أربعة محاور كبرى.

وحسب مضامين “الكتاب الأبيض” التي توصلت بها هسبريس حصريا، فإن نقص الموارد المائية بالمغرب، سواء كانت سطحية أو جوفية أو نتيجة تساقطات، أصبح مشكلا “بنيويا وهيكليا قبل أن تفاقمه التغيرات المناخية”، مستندين على رصد مؤشرات مقلقة بخصوص التساقطات المطرية التي يرتقب أن تشهد “تراجعا إضافيا بـ15 في المائة في أفق 2050”.

ونبهت مضامين الوثيقة إلى توالي وتواتر “الجفاف الحاد”؛ ما يستدعي التوقف بخصوص 5 مواسم جفاف حاد خلال السنوات الإحدى عشرة الأخيرة عاشتها المملكة، مقابل “موسم جاف حاد واحد كل 11 سنة قبل سنة 1980″، مسجلين أن “موسم 2021/2022 عاش جفافا حادا وأقصى بتراجع حجم التساقطات بنسبة النصف مقارنة مع المعدل وتراجع المساحات المكسوة بالثلوج بنسبة 90 في المائة مقارنة مع سنة 2018″؛ في وقت تتراجع أبرز الفرشات المائية بالبلاد بأكثر من متر سنويا.

في هذا الإطار، أوصت مضامين الكتاب الأبيض، حسب ما اطلعت عليه هسبريس، بـ”إدماج انعكاسات التغيرات المناخية في تحديد مختلف السياسات العمومية، مع إحداث نظام معلوماتي مندمج حول الماء كما ينص على ذلك قانون الماء؛ وتعزيز منظومة البحث التنموي والتطوير العلمي في مجالات المناخ والماء”.

“سياسة تدبير العرض لم تعد صالحة”

دعا الخبراء، القائمون على إخراج هذا الكتاب، إلى “إعادة النظر في برنامج بناء سدود جديدة كبرى أو صغرى عبر استهداف منشآت ذات فعالية مؤكدة ومردودية اقتصادية حقيقية”، مع مراعاة “حد أدنى من الانعكاسات السلبية على المستويات الاجتماعية والبيئية، مع مطالبتهم بنشر دراسات الجدوى الاقتصادية والانعكاسات المرتبطة بالمشاريع.

أما بالنسبة للسدود التلية، اقترحوا “إعطاء الأولوية لإصلاح وتشغيل المنشآت الحالية”؛ لأن تقييمهم أفضى إلى أن “عددا كبيرا من المنشآت لا تشتغل بفعل التوحل أو نقص التجهيزات أو هما معا”.

أما في ما يخص مشاريع الربط المائي بين الأحواض، دعا الكتاب الأبيض ذاته إلى “تمكين العموم من دراسات الجدوى الاقتصادية والانعكاسات الاجتماعية والبيئية لثلاثة مشاريع كبرى”، مما “سيمكن من تيسير تدبير السدود؛ لكن ينبغي التعامل بحذر مع الكميات القابلة للتحويل”. كما حذر الخبراء من أن “تكاليف الاستثمار والاستغلال في الربط البيني (طاقة الجلب) قد تكون مرتفعة”، طارحين سؤال الكلفة: “من سيؤدي الثمن؟”.

عدم الرهان على تحلية مياه البحر

سياسة تحلية مياه البحر التي بدأها المغرب لقيت إشادة الكتاب الأبيض، منوها بأنها “استراتيجية جيدة بالنسبة للحاجيات من الماء لأغراض منزلية أو صناعية؛ مقابل ارتفاع كلفتها في السقي (6 دراهم للمتر المكعب تعد كلفة الاستغلال فقط)”؛ ما يعني، حسب المصدر ذاته، أن “مردودية استعمالاتها الفلاحية غير مضمونة باستثناء بعض المناطق حيث تتم زراعات ذات قيمة مضافة عالية تمكن الفلاحين من الأداء”.

“لا ينبغي أن نراهن كثيرا على التحلية لتدارك الخصاص في مياه السقي”، يسجل خبراء الماء المغاربة موصين بأنه “من الضروري وضع سياسة إرادية لتدبير الطلب على مياه الري”.

إعادة استعمال المياه العادمة

في هذا الشق الذي تسعى فيه الدولة إلى هدف تعبئة 340 مليون متر مكعب سنويا في أفق 2050، أوصت الوثيقة بـ”إجبارية استعمال المياه المعالجة في سقي المساحات الخضراء، ووضع إطار مؤسساتي ومالي ملائم لتحسين مستويات معالجة المياه العادمة في أفق تطوير استعمالها لأغراض فلاحية”.

بينما خلص تقييم الخبراء أنفسهم إلى أن “الكميات الكبرى من المياه العادمة يتم إنتاجها في المدن الكبرى الساحلية عبر المجاري التي تصب في البحر؛ ما يجعل تكلفة تعبئتها جد مرتفعة من أجل استعمال على نطاق واسع، خصوصا في المجال الفلاحي”. أما المدن الداخلية، فإن محطات المعالجة بها “لا تنتج مياها تستجيب لمعايير إعادة الاستعمال أو لمعايير السقي الأكثر تشددا”.

سياسة “جد محتشمة” لتدبير الطلب

في ظل توقعهم بارتفاع الطلب على مياه السقي بحلول 2050، أوصى المصدر ذاته بأن “أولوية الأولويات هي التحكم في تطور السقي الخاص عبر جملة من الإجراءات الإرادوية لتخفيض الطلب بتشاور مع المستعملين”، مقترحين في هذا الصدد جملة من الإجراءات من قبيل: “تقنين نقاط جلب الماء وتحديد الحصص، ومنع توسيع المساحات المسقية، ومراقبة صارمة لنقط جلب المياه، وإلغاء دعم توسيع المساحات المسقية”.

أما داخل المدارات السقوية الكبرى والمتوسطة، دعوا إلى “تقوية برامج تحسين الفعالية المائية على مستوى النقل والتوزيع حسب المساحات المسقية؛ بينما داخل المدارات الحضرية، تقوية جهود الكشف عن التسربات وإصلاح شبكات النقل والتوزيع مع ربط تدبير المساحات الخضراء بندرة المياه”.

“نظام حكامة مائية جيد، غير مفعل”

مقابل إشادتهم بتخصيص “موارد مالية مهمة” للقطاع، أوصى الخبراء بتعزيز نظام الحكامة المائية؛ عبر “الإفراج عن المقتضيات القانونية، وتسريع نشر النصوص التطبيقية المتبقية من قانون الماء المعدل 15-36″، مع الحرص على التطبيق الصارم لمقتضياتها مما يفرض تعزيز قدرات وكالات الأحواض ووضع آليات تسمح بتتبع المخالفات.

ودعا الكتاب إلى “توضيح مسؤوليات كل المتدخلين في قطاع الماء وتنسيق استراتيجياتهم”؛ عبر الفصل بين مهام تحديد السياسات وبين المهام العملية للبناء وتدبير البنيات، وكذا تفعيل مؤسسات التشاور والتنسيق وفرض تقييم للأثر على الموارد المائية بالنسبة لكل المشاريع الكبرى للاستثمار العمومي والخاص، فضلا عن “تحديد مسؤوليات الفاعلين من خلال تشجيع المشاركة الفعلية للمستعملين عبر جمعيات تمثيلية ووضع آلية للتتبع والتقييم تعتمد على نتائج السياسات والبرامج في مجال الماء تقوم بها هيئة مستقلة”.

The post هذه أبرز توصيات واقتراحات خبراء قصد ضمان الأمن المائي في المغرب appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/Lzwl9V5

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire