أقصبي يضع اقتصاد المغرب "تحت سقف من زجاج من الأصول إلى أزمة كوفيد"

عن منشورات “المجلة المغربية للعلوم السياسية والاجتماعية” (عدد خاص 4)، صدر للخبير الاقتصادي المغربي نجيب أقصبي كتاب باللغة الفرنسية حمل عنوان: ” Maroc : une économie sous plafond de verre. Des origines à la crise Covid-19 ” (المغرب: اقتصاد تحت سقف زجاجي.. من الأصول إلى أزمة كوفيد 19″.

نجيب أقصبي، أستاذ التعليم العالي الحاصل على دكتوراه دولة في العلوم الاقتصادية من جامعة “باريس دوفين” ودبلوم معهد العلوم السياسية في باريس، اعتبر أن الكتاب شكل “مشروع تفكير قبل وقت طويل من حدوث الأزمة الصحية العالمية”، مستدركا في ملخص تحليلي توصلت به هسبريس: “لكن عندما انفجر هذا الوباء في عالمنا خلال الربع الأول من عام 2020، فرض نفسه بدايةً من الفصل الأول من الكتاب، معددا آثار “الصدمة التي أحدثها في الاقتصاد والمجتمع عبر الدروس التي قدّمها لنا”.

وأضاف أقصبي، في تحليل مضامين كتابه لهسبريس، أنه “علاوة على الدروس المستفادة من أزمة كوفيد-19 التي بدت وكأنها رَجْع صدى منسجم مع الدروس التي علّمنا إياها أي تحليل نزيه وواضح للاقتصاد المغربي لفترة طويلة؛ فقد تحوّل الوباء إلى لحظة حقيقة، ما أجبر الجميع على الفحص الحقيقي للضمير”، مؤديا، حسبه، إلى “توسيع التفكير ووضعه على مستوى تجربة الاقتصاد المغربي ككل، وسياسة اقتصاد البلاد لمدة خمسة أو ستة عقود”.

ويتطرق الكتاب، من خلال خمسة فصول، إلى أنه “تمّ تخصيص الفصل الأول لهذا الكتاب للجائحة وحقائقها، بينما الفصلان الثاني والثالث يوضحان الاختيارات، وقدّمَا -بالمناقشة- السياسات المتبعة على مدار العقود الستة الماضية”، في حين ركز الفصلان الرابع والخامس على “الالتزام بتقديم البيانات وتقويم النتائج”. ولم تكتف الخاتمة العامة بالتلخيص والتركيب، يردف الخبير الاقتصادي ذاته؛ بل “حاولت ربط الاقتصادي بالسياسي، من أجل استكشاف طرق لفهم بشكل أفضل الأسباب الأساسية لسوء التنمية المغربية”.

حصيلة “ثقيلة”

تحليل الحصيلة العامة للتجربة الاقتصادية للمغرب، طوال العقود الأربعة الماضية، يسلط عليه كتاب أقصبي الضوء من خلال أربعة محاور هي “الإنتاج والتوزيع والانفتاح والتمويل”.

وضمن كتابه الجديد، يبرز مؤلفه أنه “صار من الممكن فهم لماذا وكيف يظل الاقتصاد المغربي اقتصادًا “تحت سقف زجاجي”؛ نمو ضعيف ومتقلب ما زال يعتمد بشكل مفرط على تقلبات الطقس، وإنتاجية منخفضة، وهياكل قطاعية راكدة وأقل اندماجا، فضلا عن وجود تراجعات، مثلما يتضح من تراجع التصنيع؛ وارتفاع البطالة الحقيقية أو المقنّعة والنمو القوي للقطاع غير المهيكل، وتفاقم الفوارق الاجتماعية والمجالية”.

وانتقد أقصبي “التبعية المستمرة التي راكمت عجزا مزمنا”، مسجلا أن “الانفتاح على الخارج غير مقنع من حيث معدلات تكامله و تأثيره على الاقتصاد الوطني؛ ونظام تمويل ينهك تعبئة الموارد الداخلية، لاسيما من خلال نظام ضريبي غير فعال بقدر ما هو غير عادل، لافتا إلى أن “العقوبة ليست سوى عجز مزمن في الميزانية ، مصحوباً بمديونية مقلقة بشكل متزايد”.

وحدد الكاتب ذاته ثلاثة مستويات من الأهداف، والتي تعود في الواقع إلى ثلاثة رهانات وعدنا أنفسنا بمواجهتها: “اقتصاد سوق مفتوح وشفاف، وقطاع خاص فعال وجريء، وتكامل مع الاقتصاد العالمي الواعد بالحرية وبالازدهار”. وبعد تحليله، بناء على الوقائع والأرقام والشهادات، يخلص أقصبي إلى “استنتاج مؤلم لا يمكن تجنبه”؛ وهو “بصفة عامة، ضياع الرهانات”.

ويحاول الكتاب “مقاربة الاقتصاد المغربي، نظرا لأهمية ومدى القطاعات التي لا تزال “تُسيّر” عن طريق الريع و/أو التواطؤ بين مجموعات مصالح، “ما زال بعيدا عن اقتصاد سوق جدير بهذا الاسم”.

ويفحص الكتاب ذاته “حالات مؤسَّسة في قطاعات الصناعة والبنوك وتقنيات المعلومات الجديدة وتكرير وتوزيع المواد النفطية”، هادفا إلى “تقييم مدى التكلفة الاقتصادية الباهظة التي لم تساهم في تخفيف العبء على اقتصاد البلد”.

ويوضح المؤلف بـ”الوقائع والأرقام الداعمة، أنه عِوض خلق وتوسيع القطاع الخاص، أو بالأحرى “طبقة برجوازية” حاملة لمشروع اقتصادي اجتماعي، “لم نجد سوى الدولة والعديد من أدوات عملها”؛ حسب أقصبي الذي أشار إلى استمرار الدولة، خصوصا، في احتكار الحصة الأكبر من الاستثمار، وبالتالي السيطرة على الدوافع الرئيسة للتنمية”.

وختم معتبرا أنه “كان من الضروري توضيح كيف أن الانفتاح القسري وغير المدروس والدوغمائي لن يولد سوى آثارا ضارة على جميع المستويات”؛ موردا “توسيع اقتصاد الاستيراد الذي “يقتل” المنتجين المحليين ويلتهم العملات الأجنبية، ونموذج المناولة الذي يولد علاقات تبعية جديدة والتبادل غير المتكافئ، أي تأثير سلبي على النمو والشغل، ومخيّب للآمال فيما يتعلق بالأنشطة السياحية والاستثمارات الأجنبية”.

ويعتبر المؤلف أنه “من الجدير، أيضا، تسليط الضوء على مسؤولية “الفاعلين المحليين”، هؤلاء المقاولين والمصدّرين الذين كانوا “سيصبحون رأس حربة في غزو الأسواق الخارجية”؛ لكن ثبت أنهم يفتقرون إلى المغامرة والمنافسة، وهذا أدى إلى استنتاج مفاده أنه “إذا خسرنا المعركة، فالسبب يكمن، أيضا، في ضعف لدى المحاربين”.

ويجمل أقصبي القول بأن “النتيجة مؤلمة: أردنا السوق فحصلنا على الريع والتواطؤ وتضارب المصالح؛ فتحنا ذراعينا للقطاع الخاص فعانق القطاع العام؛ حلمنا بـ “تنانين” التصدير، فاستيقظنا لنجد أنفسنا وجهة لجميع الواردات!”

“الحكامة عائق أمام الصعود الاقتصادي”

الخاتمة العامة للكتاب تقتفي سبب وكيفية حدوث مثل هذه النكسة، من خلال مقاربة المؤلف أكثر تجذرًا في الاقتصاد السياسي، مع الطموح إلى تقديم إجابات متكاملة للأسئلة الأساسية؛ من قبيل: “لماذا هذا العناد في الحفاظ على نفس الاختيارات التي أدت إلى نفس الانتكاسات؟ ما مسؤولية المؤسسات المالية الدولية التي “رافقت” هذه التجربة المغربية الطويلة بشكل دائم؟ كيف ارتبط الاقتصادي بالسياسي ليفضي إلى اقتصاد أصبحت “حكامته” عائقا أمام صعوده؟”.

The post أقصبي يضع اقتصاد المغرب "تحت سقف من زجاج من الأصول إلى أزمة كوفيد" appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/zyUMS5A

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire