قال الشاعر ياسين عدنان إن علاقة المواطنين بأوطانهم في العالم العربي فيها “الكثير من الالتباس؛ لهذا مازلنا نعاني مع أوطاننا، هي تطالبنا بالوطنية ونحن نطالبها بالمواطنة، ومازالت الحرب بيننا سجالا”.
جاء هذا في حوار مع الشاعر والروائي والإعلامي ياسين عدنان، في برنامج “بيت القصيد”، الذي تعرضه شبكة “الميادين”، ويقدمه الإعلامي والشاعر زاهي وهبي.
واستشهد ياسين عدنان بأخيه التوأم الشاعر طه عدنان، الذي عنون أحد دواوينه بـ”بسمتك أحلى من العلم الوطني”، كما استشهد بالشاعر سعد سرحان، الذي يقول: “الوطن ساعة بعقرب واحد يلدغ كل من يسأل: كم الساعة الآن أيها الوطن؟”.
وتابع الشاعر مفصلا: “فكرة الوطن نريد منها أن تحرر الإنسان في بلداننا، ونخشى أن البعض يريدها لنا قيدا (…) نحن محاطون بكل ما يمنع السعادة ويحجبها ويحول دون بلوغها (…) وكل ما أتمنى هو أن يصدقني الناس، وأن يثقوا بأني أحترم ذكاءهم، فكل المطلوب أن نعيد الاعتبار لذكاء الناس وأن نحترمه”.
وحول روايته “هوت ماروك”، قال الكاتب المغربي: “انتقلت من القصة إلى الرواية، أما الشعر فمقامه محفوظ حتى ولو قل ارتيادي لعوالمه”.
وذكر المتحدث ذاته أن مدخله في الكتابة السردية “الشخصياتُ”، وزاد: “هكذا لما اشتغلت على شخصية ‘رحال العوينة’، الرئيسية في الرواية، كانت هي التي استدرجتني إلى الرواية”.
وحول العنوان المازج بحرف عربي بين الإنجليزية “هوت” والفرنسية “ماروك”، ذكر المحاوَر أن العنوان “جاء ملفّقا، بين لغتين، لأن الرواية عن التلفيق، وفي خلفية ‘هوت ماروك’ كان (هوت مايل)”، وزاد: “في الكتابة ضحك كالبكاء، سخرية وسط المرارة والدسائس وحقارة الكائن الإنساني التي لا يمكن مقاربتها إلا بسخرية”.
ثم تساءل عدنان: “لماذا صرنا عدوانيين إلى هذا الحد؟ ولماذا عدوانيتنا مجانية إلى هذا الحد؟”، وأضاف: “هذا ليس في المغرب فقط، بل في العالم كله، فهناك ترجمة إيطالية قادمة للرواية، بعد الترجمتين الفرنسية والإنجليزية، وهو ما يظهر أن الظاهرة ليست محلية؛ بل هناك بشرٌ معبأ بالأحقاد والمشاعر السلبية، ولم يكن يعرف كيف يصرف كل هذه المشاعر قبل وسائل التواصل التي أتاحت للجبناء فرصة تصريف كل هذا بأسماء مستعارة، ليعيثوا في الأجواء الإلكترونية فسادا، يسممونها، يفترون… وهذه الوسائل كشفت ما هو موجود”.
ويرى ياسين عدنان أن التلقي النقدي لروايته الأولى “كان مشجعا”، وهو ما حمّسه لمزيد من الاشتغال على “رحال العوينة”، اقترب معه الجزء الثاني لـ”هوت ماروك” من الاكتمال، ولو أن تحدي رصد التحولات المستمرة للمجتمعين المغربي والافتراضي، قائم؛ فالفضاءات الرقمية “تتحول إلى ألعن في الواقع، وأريد أن أصاحب في الجزء الثاني من الرواية هذه التحولات الشنيعة”.
وقابل الشاعر بين “مصافي نشر” التي كانت للشعراء في وقت سابق من مجلات وصحف يفترض في المسؤولين عنها أن تكون لديهم خيارات شعرية عامة، وحد أدنى أبسطه المعرفة اللغوية (…) “لكن كل هذا غاب، واختلط الحابل بالنابل في ‘فيسبوك’؛ حيث صار يمكن لأي أن يكتب دون تنقيح، فتتهاطل عليه الإعجابات، ويحقق ذاته شعريا”.
وحول العبودية المعاصرة، قال عدنان: “نحس بأننا نستعبد يوما عن يوم، عبر التلفزيون واختياراتِه العامة في مجملها التي لا تبحث عن الوجدان والفكرة وشرف المعنى، بل تبحث عما يمكن أن يختزل الإنسان في الجوانب الغرائزية أو الترفيه البسيط المبتذل الخالي من المعنى”.
وواصل المتحدث: “ما نبحث عنه عبر الأدب والكتابة، وحتى حينما نخترق فضاءات كالتلفزيون، المعنى، ونُمانع بمعنى من المعاني ديكتاتوريات عديدة، مثل ديكتاتورية نسبة المشاهدة”، والمعلن والمشاهد وصاحب المنبر، في فكرة تممها المحاوِر.
وحول ما بين الشعر والرواية من اتصال أو انفصال في النقاش الثقافي الراهن بالعالم العربي، علّق ياسين عدنان بالقول: “الشعر لا ينازعه أحدٌ في مكانه وموقعه، ومقام الشاعر محفوظ، وأحس نفسي شاعرا، وأحب أن أقدم نفسي كشاعر، ومقام الشعر عالٍ، لكني لست مع اختزال الأمر في مكان للشاعر ومكان للروائي، بل الكاتب المعاصر هو كاتب بالمعنى العام للكلمة، يكتب الشعر والرواية والمقالة والقصة، والبرنامجُ التلفزيوني يدخل في سياق الإنتاج الثقافي والأدبي والفكري”.
وأردف المتحدث: “نحن في زمن صارت فيه الأجناس متداخلة إلى حد كبير، ويوجد تفاعل بينها (…) والشعرية مفهوم متعالٍ عن كل الأجناس… فلقطة في فيلم تكاد تحرجك كشاعر، أنت ولغتك واستعاراتك، وموسيقى بديعة تحرجك كشاعر: أين أنا من كل هذا الجمال وكيف أبلغه؟”.
وحول سنوات اشتغاله في التلفزيون، المحلي بالمغرب والعربي لاحقا، شكر ياسين عدنان للتلفزيون منحه “هدية عمره”، وتابع: “كنت شغوفا بالقراءة فصارت مهنتي القراءة (…) ووسع معارفي ومداركي وفضاءات القراءة لدي”.
ويتصور ياسين عدنان “البرج العاجي للمثقف” اليوم حضورا اختياريا خارج التلفزيون؛ “فنحن مجتمعات بشكل عام انتقلت من الشفاهة إلى المشاهدة مباشرة، دون فترة المرور بالقراءة. والعزوفُ عن التلفزيون عزوفٌ عن التخاطب مع مواطنيك وأبناء بلدك”.
The post ياسين عدنان: العلاقة بالأوطان ملتبسة .. وتجربة رواية "هوت ماروك" مستمرة appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/9S0pnsv
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire