لا يمكن الحديث عن جهة كلميم وادنون دون استحضار ما تزخر به من مؤهلات طبيعية تتنوع بين القصبات والمتاحف والمآثر التاريخية، فضلا عن المواقع الواحية، التي من شأن استغلالها بشكل جيد أن يحول هذه الجهة إلى وجهة سياحية بامتياز.
بجماعة أداي آيت حربيل، وبالضبط في واحة تيمولاي المتموقعة على بعد حوالي 100 عن مدينة كلميم، تقع الحامة المعدنية “لالة ملوكة”، التي تصنف من بين القبلات الإيكولوجية الأكثر استقطابا للزوار بواد نون، سواء منهم الراغبون في الاستجمام أو الباحثون عن العلاج.

أصل التسمية
تنسب الروايات الشفهية المتداولة أصل تسمية الحامة إلى الولية الصالحة “لالة ملوكة”، المتحدرة من إداوسملال بإقليم تزنيت، والتي استقرت بالمنطقة في حقبة تاريخية سابقة، وتعتبر الحامة من بركتها أثناء زيارة قام بها إليها الوليان الصالحان سيدي أحمد أوموسي وسيدي محمد وبراهيم التمنارتي.
وتحكي الروايات المحلية ذاتها أن الولية سالفة الذكر لامست عين المياه بمنطقة استقرارها آنذاك، آمرة إياها بالغليان تزامنا مع صلاة الفجر، بداعي أن زوارها أشخاص كرام، ومنذ ذلك الحين بقيت مياه هذه العين ساخنة.

وفي مقابل ذلك تؤكد مجموعة من الدراسات والأبحاث العلمية أن دفء مياه “لالة ملوكة” الكبريتية التي تصل درجة حرارتها إلى 37 درجة، أسوة بعدد من العيون المائية الساخنة بالعالم، راجع إلى البراكين السطحية التي تعتبر السبب الرئيس في تسخين المياه الجوفية.
كما تشير في الاتجاه ذاته عدة توصيات صادرة عن أخصائيين صحيين إلى فوائد الاستحمام بمياه العيون الكبريتية، التي إلى جانب فعاليتها في علاج الأمراض والالتهابات الجلدية تساهم كذلك في استرخاء العضلات في كل أجزاء الجسم، فتصبح الأنسجة الرابطة أكثر مرونة وتتسع الأوعية الدموية وتزيد نبضات القلب وعملية التمثيل الغذائي.
قطب علاجي وسياحي في حاجة إلى الاهتمام
تعرف حامة “لالة ملوكة” طيلة السنة توافد العديد من الزوار، خصوصا المصابين بالأمراض الجلدية القادمين من مختلف جهات المغرب قصد الاستحمام بمياهها الحرارية رغبة في العلاج.

وفي وقت تؤكد شهادات ساكنة المنطقة فعالية مياه الحامة الكبريتية في الاسترخاء والشفاء من عدة أمراض، عبرت تصريحات أخرى استقتها جريدة هسبريس من فاعلين محليين عن تحول “لالة ملوكة” إلى بؤرة للمياه الملوثة، بسبب ما تعرفه من تهميش وإهمال، وما قد يسببه الأمر من مضاعفات خطيرة على صحة الزوار.
وحول مميزات الحامة المعدنية “لالة ملوكة” يقول بوبكر أونغير، الفاعل المدني بجهة كلميم واد نون، إنها تمتاز بدفئها ولونها الأصفر بفعل وجود مادة الكبريت بكثرة في المياه التي تتدفق بشكل طبيعي من بين صخور قديمة جدا وسط نهر يخترق المنطقة.

“ورغم عراقة هذه الحامة إلا أن تجهيزها ضعيف جدا، ووضعيتها في غاية التدهور، والمسالك المؤدية إليها غير معبدة، ما يفوت على المنطقة إمكانات هامة من حيث استقطاب السياحة الداخلية والخارجية”، يضيف أونغير في تصريح لهسبريس
الجهات المسؤولة مطالبة بالتدخل
أكد بوبكر أونغير أن السلطات العمومية والمجالس الترابية والقطاع الخاص كلها جهات تقع على عاتقها مسؤولية مستعجلة في ما يتعلق بضرورة تأهيل حامة “لالة ملوكة” المعدنية، والتعريف بها وجعلها قاطرة للتنمية المحلية.

وأشار الفاعل المدني ذاته إلى أن الوضعية الحالية للحامة في غياب مراقبة صحية وعدم الاهتمام بها قد تؤدي إلى إمكانية تلوث مياهها، وما سينتج عن ذلك من أضرار صحية على الأطفال ومرتادي الحامة بصفة عامة؛ لذلك يبقى تثمينها وتأهيلها أمرا في غاية الاستعجال، وإنقاذا لفضاء طبيعي عمر لقرون طويلة وكان متنفسا لساكنة المنطقة.

وختم أونغير تصريحه لهسبريس بالقول: “لو تم التعريف بهذا المكان الطبيعي الخلاب وتأهيل محيطه وتعبيد الطرق للوصول إليه لاستفاد كل أبناء المنطقة من عائدات سياحية مهمة. كما قد يخلق المكان فرص شغل قارة، لكن الوضعية الحالية لا تسر الناظرين ولا تبعث على الإعجاب”.
The post حامة "لالة ملوكة" .. وجهة سياحية علاجية تحتاج العناية في كلميم واد نون appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3CWPYXF
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire