العلماء ينادون من نيجيريا بتكثيف الجهود لصيانة التراث الإسلامي الإفريقي

أسدل الستار، مساء الأحد، على أشغال الندوة العلمية الدولية لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة حول التراث الإسلامي الإفريقي، التي احتضنتها عاصمة جمهورية نيجيريا الاتحادية، أبوجا، برفع توصيات إلى الجهات المعنية قصد تكثيف التعاون من أجل صيانة التراث الإسلامي بالقارة.

وأكد محمد رفقي، الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، أن حماية التراث الإسلامي الإفريقي “جزء لا يتجزأ من حماية ذاكرتنا وتاريخنا الإفريقي المشترك، بل هو من صلب حماية ديننا الحنيف من كل المظاهر المسيئة إليه، ومن إهمال وعدم عناية لائقة، وما إلى ذلك من السلبيات التي تعيشها المجتمعات الإفريقية”.

وأضاف رفقي أن توحيد وتنسيق جهود العلماء والخبراء والمختصين الأفارقة، للتعريف بالذاكرة الجماعية لشعوب ومجتمعات إفريقيا وصيانتها، “أصبح واجبا يمليه علينا ديننا الحنيف وأصالتنا وكل ما يميزنا عن العالم”، لافتا الانتباه إلى أن هذه الغاية “لن تتحقق إلا بتوطيد العلاقات بين العلماء والخبراء والمختصين الأفارقة، والعمل على تطوير وتنسيق وتبادل التجارب فيما بينهم على كل المستويات”.

وشهدت أشغال الندوة العلمية لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، التي شارك فيها زهاء 400 عالم، وحضرها أعضاء جميع فروع المؤسسة بأربع وثلاثين دولة إفريقية، تنظيم جلسات علمية، وورشات تكوينية حول صناعة الفهرسة، وتقنيات صيانة المخطوطات، وتحقيق النصوص التراثية المخطوطة، من أجل تمكين العلماء الأفارقة من مهارات صيانة وحفظ التراث الإسلامي الإفريقي.

وفي هذا الإطار، قال الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، في الكلمة الختامية للندوة، إن الجلسات العلمية التي أطّرها العلماء والمختصون، والورشات التكوينية التي استفاد منها المشاركون، “لدليل ساطع على أن الاهتمام بقضايا وحاجيات تراثنا الثقافي الإسلامي الإفريقي، وما يلزم القيام به نحوه لصيانته وحمايته وإنقاذه وتيسير سبُل الاستفادة منه، إنما هو في الحقيقة صورة من صور التعريف بديننا الحنيف المحفوظ بتراثنا المخطوط”.

ويعد الحفاظ وصيانة التراث الإسلامي الإفريقي، بمختلف أصنافه وفنونه وعلومه، من الأهداف الأساسية التي تشتغل عليها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، بهدف حماية الذاكرة والتاريخ الإسلامي الإفريقي المشترك.

وأكد الأمين العام للمؤسسة أن المخاطر المحدقة بالتراث والذاكرة والتاريخ الإفريقي المشترك تتجاوز الأقطار والجغرافيا الضيقة، وتستوجب التنسيق بين العلماء والمختصين الأفارقة “من أجل الوقوف كرجل واحد للحفاظ على الموروث الثقافي الإفريقي، بل للحفاظ أولا وأخيرا على الإنسان الإفريقي”.

من جهته، قال الشيخ إبراهيم صالح الحسيني، رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بنيجيريا ومفتي جمهورية نيجيريا الاتحادية، إن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة “ليست لها أي أهداف غير التواصل والتعاون على البر والتقوى والعمل الصالح والجاد لتوحيد صف الأمة الإسلامية، ونشر الإسلام الصحيح، والدعوة إلى التسامح والتحابُب لتحقيق التعايش بين جميع شعوب القارة الإفريقية لتنعم بالسلام والاستقرار”.

وفي كلمة باسم العلماء أعضاء فروع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالقارة الإفريقية، قال الشيخ إبراهيم بونو إن موضوع “التراث الإسلامي الإفريقي” الذي تناولته الندوة، “يعتبر من أهم مواضيع الساعة، حيث الكل يحتفي بتراثه في عصرنا الحالي”، مبرزا أن التراث “هو أغلى ما نملك لأنه يشكل جزءا من الوجود والكيان”.

من جهته، قال اليزيد الراضي، عضو المجلس العلمي الأعلى، في كلمة نيابة عن محمد يسف، الأمين العام للمجلس، إن موضوع التراث الإسلامي موضوع ذو أبعاد علمية وروحية وفنية ووطنية وحضارية تمس الحاجة إلى تناوله ودراسته من أجل التعريف به واكتشاف أساليب حمايته والمحافظة عليه، ودرء الأخطاء عنه، وجمع الشمل وتوحيد الصف وتوضيح الرؤى.

وأضاف الراضي أن ذاكرة إفريقيا تتسم بالغنى، وأنها إن أعينت لها الرعاية تشي بمستقبل واعد، مبرزا أن الذاكرة “مستودع آمال الأمة وآلامها، وخزان علومها وآدابها وفنونها وأساس نهضتها، وهي التي تملأ الشعوب حماسا وتدفعها إلى حمل المشعل والانطلاق على درب البناء والتشييد والتطوير والتجديد والاعتزاز بالانتماء إلى الآباء والأجداد”.

ونوّه عضو المجلس العلمي الأعلى باختيار دولة نيجيريا الاتحادية لتنظيم ندوة مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة حول التراث الإسلامي، مشيرا إلى أن جمهورية نيجيريا لها تاريخ عريق، وأسهمت في تأسيس المشهد العلمي والحضاري، وامتازت في دينها وسياستها بوسطيتها واعتدالها وتسامحها.

وأضاف أن الندوة نجحت في إبراز التراث الإسلامي الإفريقي باعتباره كنزا ثمينا من كنوز إفريقيا، التي يجب الحفاظ عليها وتثمينها وصيانتها، وباعتباره إرثا إفريقيا، وكذا إرثا إنسانيا، مشيرا إلى أن الندوة كشفت عن سبل استغلاله في التنمية البشرية، وترسيخ قيم التسامح والتعايش والحوار.

وشدد الراضي، في الكلمة التي ألقاها نيابة عن الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، أن القارة الإفريقية تملك من الكنوز المادية والمعنوية والروحية ما يؤهلها لإغناء التراث الإنساني وتبوؤ الريادة في مختلف المجالات.

ورفع المشاركون في ندوة مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بأبوجا عشر توصيات لصيانة التراث الإسلامي الإفريقي، حيث دعوا إلى تأسيس هيئة علمية تسهر على صيانة المخطوط الإسلامي الإفريقي، وتعنى بالإشراف على جرده ورقمنته، وعقد دورات تكوينية في تحقيق المخطوطات وصيانة التراث الإسلامي الإفريقي في شتى البلدان الإفريقية، وإنشاء اتفاقيات وشراكات بين الخزائن الإفريقية والعالمية لصيانة المخطوط الإفريقي.

كما دعا المشاركون في الندوة إلى تنظيم ندوات وأيام دراسية في موضوع التراث الإسلامي الإفريقي لتعميق النظر في التدابير الواجب اتخاذها لصيانته، وجمع التراث الشفهي الإفريقي وتوثيقه وإنشاء كاتالوغات للمخطوطات المتاحة على المستوى المحلي والإقليمي والقاري، ووضع خطة لترميم وإصلاح خزائن المخطوطات.

وبهدف تشجيع الباحثين الشباب على الاهتمام بصيانة التراث الإسلامي الإفريقي، دعا العلماء الأفارقة الملتئمون في العاصمة أبوجا إلى وضع مناهج دراسية في علم المخطوطات في الجامعات، وتدريس جميع الجوانب الفنية للمخطوطات، وتبادل البطاقات البيبلوغرافية بين المكتبات بما يساعد الباحثين للتعرف على تعدد واختلاف نسخ الكتاب المخطوط، ونشر الذخائر متى توفرت الأسباب والإمكانيات البشرية والمادية، حسب الأولويات التي يتم الاتفاق عليها بين مراكز البحث والمختصين في هذا المجال.

The post العلماء ينادون من نيجيريا بتكثيف الجهود لصيانة التراث الإسلامي الإفريقي appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3mwwZ0z

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire