حين رتب ياسر عرفات جلسة "حوار" بين الصحافي الجامعي وجنرال إسرائيلي

كان يتحدث بدون مواربة، وفي كل مرة يكتب يجلب لنفسه “صْداع الرّاس”، اختار الكتابة ومزاولة مهنة الصحافة عن الانزواء في مكاتب “مكيفة” بالعاصمة الرباط. راقب السلطة وهو يلازم فراش المرض وظل يستقبل الصحافيين في شقته المتواضعة بالعاصمة بابتسامة “ساطعة” تخفي تعب السنين وضمور القلب؛ هو الصحافي خالد الجامعي الذي توفي اليوم عن عمر 73 سنة.

بدأ مساره المهني موظفا في وزارة الثقافة قبل أن يقرر ترك المكاتب “المكيفة” والنزول إلى الميدان من بوابة “صاحبة الجلابة”. ورغم تركه هموم الثقافة ظل متشبثا بها، حيث كان يدير الصفحة الثقافية في جريدة “لوبينيون” التابعة لحزب الاستقلال، وقد تعرض لأول مرة للاعتقال خلال عام 1973 بعدما نشر صورة الأمير مولاي رشيد قرب طفل مستول بأحد شوارع الرباط.

بعد تجربة السجن التي دامت ستة أشهر، منع خالد من مزاولة الصحافة، ثم بعد مدة عاد إلى جريدة “لوبينيون” خلال أواخر السبعينات، حيث تكلف بالصفحة الدولية وكان متخصصا في قضايا الشرق الأوسط، كما يقول الصحافي أبو بكر الجامعي، ابن الراحل، “فقد كان خالد الجامعي مقربا من جبهة التحرير الفلسطينية”.

كان الراحل صديقا مقربا من خليل الوزير (أبو جهاد)، وهاني الحسن الذي يعتبر من الرعيل الأول المؤسس لحركة فتح الفلسطينية، والذي لما عين سفيرا لفلسطين في إيران، انتقل خالد الجامعي إلى طهران لتغطية أحداث الثورة الإيرانية. وكان أول صحافي مغربي يغطي هذا الحدث البارز عام 1979.

يحكي أبو بكر الجامعي في دردشة مع هسبريس أن “الراحل كان مقربا من قيادات جبهة التحرير الفلسطينية، حيث طلبت الأخيرة من حزب الاستقلال المغربي أن يصدر صفحة خاصة عن أشغال الجبهة يتكلف بها خالد الجامعي شخصيا”.

وقد كان الراحل أول صحافي عربي يحاور جنرالا إسرائيليا خلال عام 1982، وفقا لما نقله أبو بكر الجامعي؛ إذ كانت لخالد الجامعي اتصالات قوية مع قيادات فلسطينية رتبت اللقاء مع الجنرال ماجور السابق في صفوف الجيش الإسرائيلي “ميتي بيلد” (Mettey Belled)، وتم اللقاء بباريس سنة 1982. ويضيف أبو بكر أنّ “اللقاء تمّ بطلب من ياسر عرفات شخصيا”.

وقد تعرض الصحافي خالد الجامعي بعد نشر نص الحوار لحملة من الانتقادات، بسبب المقابلة التي أجراها مع الجنرال بليد الذي غير مواقفه وأصبح يؤمن بفكرة السلام.

وعاد أبو بكر الجامعي إلى واقعة “البصري” أو غضبة “وزير الداخلية الأشهر” في مملكة الحسن الثاني، حيث كتب خالد مقالا تحليليا تناول فيه بعض جوانب السياسة الداخلية في البلاد، ورفض فكرة التعدد الحزبية الوهمية، قائلا إن الحزب الوحيد هو “المخزن”.

بعد نشر المقال، اتصل البصري بالجامعي وطلب منه أن يأتي إلى مكتبه بالرباط. لما دخل خالد المكتب، خاطبه البصري بأن ما جاء في المقال “ممزيانش”، وزاد الرّجل القوي في عهد الحسن الثاني موبّخا: “شكون نتا”. وقد أحس الجامعي بعد هذه الواقعة بـ”الحكرة”، كما قال أبو بكر الجامعي، مضيفا: “اتصل بي الوالد وقال لي إنه يريد لقياي، ذهبت وطلب مني أن أقرأ مقالة كان بصدد كتابتها، ستعرف في ما بعد بـ(الرسالة الشّهيرة) التي رد فيها خالد الجامعي على البصري”.

بعد انسحاب البصري من الحياة السياسية، التقى أبو بكر الجامعي وزير الداخلية الأسبق في باريس وناقش معه مضمون المحادثة التي جمعته بوالده في مكتبه، وقال له البصري: “باك (والدك) ظلمني”.

وفي نعيه، كتب رئيس المجلس الوطني للصحافة يونس مجاهد: “توفي الصحافي خالد الجامعي. وهو من خيرة الصحافيين المغاربة، حيث ترك بصمته الواضحة في صحيفة لوبنيون، وفي كل المساهمات الأخرى، كصحافي ومهتم بالشأن العام. برحيله يفقد الجسم الصحافي خاصة، والمغاربة عامة، أحد الرجال الذين جعلوا من الصحافة أداة من أدوات الالتزام بقضايا الشعب والوطن”.

أما الصحافي المغربي عمر بروكسي، فكتب في صفحته على “فيسبوك”: “رحل خالد الجامعي، صحافي لامع وشجاع وصادق. لقد غادرنا. لقد أتيحت لي فرصة العمل بجانبه. كل عبارات التعازي لجميع أفراد عائلته. السلام لروحك عزيزي خالد”.

The post حين رتب ياسر عرفات جلسة "حوار" بين الصحافي الجامعي وجنرال إسرائيلي appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



from Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية https://ift.tt/3uQL9KV

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire